1ـ قيس سعيّد " ليس ديمقراطيّا في شيء . إنّه ' فاشي مبتدئ ' " .
هكذا علّق مؤخّرا صديقي م.م أحد الرّفاق من قيادة حزب العمّال على إحدى تدويناتي و أجيبه باختصار:
يا رفيق ، لم يوجد في تونس من أساء إلى التحاليل اليساريّة للفاشيّة أكثر منكم .لقد أطلقتم صفة الفاشيّة على حزب الدستور/ التجمّع وعلى الإسلاميين وحتّى على البعثيين العراقيين (راجع "ضدّ الظّلاميّة" لحمّة الهمامي) . وها إنّك اليوم تطلقها على قيس سعيّد .
و أريد أن أقول لك ولرفاقك ، بعد أن أذكّرك أنّك تحالفت مع 'الفاشية الإسلامية' ضد 'فاشية التّجمع' في 18 أكتوبر 2005، ثم مع النّداء ـسليل ' فاشية التّجمّع' ـ ضدّ الإسلاميين والترويكا ،ثم مع 'الفاشيين البعثيين ' ( البعث و الطّليعة ) ضد تحالف الفاشيين الإسلاميين و سليلي التّجمّعيين ، كون تحاليل ديميتروف وتولياتي و غيرهما كانت تعتبر الفاشية تمثيلا سياسيا للبورجوازية الإحتكارية الأكثر رجعية وتطرّفا في الدّول الإمبريالية تحديدا وليس لبورجوازية البلدان المستعمرة و التّابعة .وإن ظهرت تنظيمات فاشيّة في البلدان الأخيرة فتكون آمتدادا للتنظيمات الأمّ.
ويؤسفني أن أقول لك كونكم إلى اليوم لا زلتم تنظرون إلى المجتمع التونسي بنظّارات أنور خوجة الألبانيّة التي كانت لها وجاهتها في ألبانيا التي قاومت الغزو الفاشي الإيطالي سنة 1939 الذي عوضه الغزو الألماني سنة 1943 حتى 1945 .
كما يؤسفني أن أقول لك أنّكم ـ على فرض كون قيس سعيّد ' فاشيّ مبتدئ ' ـ قاطعتم الإنتخابات التي أوصلته إلى السلطة عوض دعم منافسه 'الدّيمقراطي ' نبيل القروي الذي كان ديمقراطيّا جدّا في وسيلته الإعلاميّة معنا نحن اليساريين في 2014 !
كما يؤسفني أن أقول لك أنّكم لو تمسّكتم بمثل هذا التّوصيف فسيكون عليكم غداـ بوصفكم شيوعيين ـ إنجاز مهمّة تكوين جبهة متّحدة ضدّ الفاشيّة القيسية ـ النّهضاويّة الفائزة بالسلطة حتّى مع الديمقراطيين البورجوازيين ـ ناهيك عن باقي الدّيمقراطيين ـ من ناحية و ـ من باب أولى ـ المساهمة في إعادة توحيد الجبهة الشعبيّة التي ـ يا للغرابة ـ كنتم تبدون سعداء بفلقها بحجّة كونها... ستصبح أقوى!
2ـ يا رفيقي م.م . إنّني أقرأ منذ البارحة لرفاق يساريين ـ منهم من ينتمي لحزبك ولكن ليس كلهم للأمانة ـ
يسخرون من حملات شباب خرج للقراءة ولتنظيف شوارع تونس ويخلطون بينهم وبين الدّواعش مستغلّين في ذلك ما تقترفه مجاميع رعناء لا تمثّل ملايين شباب تونس ضدّ اتّحاد الشغل ـ الذي لا يعلو عن النّقد ـ و ضدّ صحفيين ـ ارتكبوا بدورهم عنفا رمزيّا لا أخلاقيّا ضدّ ملايين التّونسيين .
فهل تعلم ـ ونحن مع قيس سعيّد لسنا أمام حالة فاشيّة بل حالة وسطيّة سياسيّة وطنيّة محافظة في ' بلد تابع ' في أقصى وأسوء وأكثر الحالات مبالغة ـ أنّ من تكتيكات اليساريين القدامى زمن الفاشيّة ـ التي تهمّني هنا ـ أنّه على اليساريين التّواجد حيث تتواجد الجماهير في تحرّكاتها وتنظيماها الجماهيريّة بما في ذلك التحرّكات والتنظيمات الجاهيرية الفاشيّة ـ وليس الحزبية الفاشية طبعا ـ متى كان ذلك ممكنا لفصل تلك الجماهير من خلال ممارستها /تجربتها الخاصّة عن الفاشيين المفترضين؟
يا رفيقي م.م . و يا رفاقي اليساريين عموما أعذروا حكمي الذي قد يبدو متسرّعا بسبب اعتماده على مجرّد تعاليق فايسبوكية وافهموا قصدي منه : أنا خائف منكم وعليكم إن أصبح هذا - أو ما يشبهه ـ موقفكم الجماعي . تذكّروا أنّكم في بلد تابع ـ أو شبه مستعمر- هو جزء من وطن عربي مستعمر و تابع و مجزّأ ومستغل و مغزوّ ثقافيّا …
ولا تنسوا لا وطنية عبدالقادر الجزائري و عمر المختار و أمين الحسيني ...و لا محافظة عبدالنّاصر و بومدين. ولا تنساقوا وراء تحاليل فكريّة و مواقف سياسيّة لا ترقى حتّى إلى درجة الذكاء المعرفي ناهيك عن ارتقائها إلى درجة الوطنيّة السّياسيّة .
و كفّوا من فضلكم عن تحليل ما يقع في تونس بعيون تكاد تكون استشراقيّة وقيّموا الحركات السياسية التّونسية تقييما يعتمد على تحليل ملموس لواقع تونسي عربي إسلامي مخصوص كي لا تظلموا النّاس سياسيّا ولا تظلموا مناضليكم وكي لا يكون اليسار... صفرا إلى اليسار!