1- خطاب عزيز عمامي كان ردّا وتفكيكا لعقليّة باتت سائدة، وهي عقلية لا تحلّل الظواهر بقدر ما تعبّر عنها عاطفيّا وعشوائيا فتظلّ عند حدود قشرتها الخارجية، بافلوفيّة بالأساس، أمّا منطلق هذا التفكيك فقد كان ما صرّح به وزير التربية ناجي جلّول.
2- خطاب آخر، هو خطاب يتداوله الآن الرافضين لخطاب عزيز عمامي، يجد مجاله أو بالأحرى إقامته في العنف بما يعني سقوطه في الدوغم/ الأصوليّة والتحجّر، إذ تخلّى عن كلّ بعد تحليليّ أو نقديّ وخيّر الهجوم والتخوين والشتم، ممّا يجعله لا يتجاوز الحدود العاطفيّة الشكليّة البافلوفيّة التي ظلّ عندها خطاب ناجي جلّول.
3- عودة إلى موقف الوزير، بمجرّد قراءته قراءة نقديّة بسيطة نفهم أنّ كلّ الجيوش النظاميّة جيوشا تنطبق عليها حقوق الإنسان كما نفهم أنّ كلّ مجموعة لا تحترم القانون وجب التنكيل بها، وهو قول بنى عليه عزيز عمامي حججه في مقارعة ذلك الوزير.
4- يفيد نصّ الردّ الذي أطلقه المدون عزيز، أنّنا بهذا الشكل نستطيع تبرير جرائم الاستعمار في حقّ الفلاقة باعتبارهم لم يكونوا من الجيوش النظامية ولم يحترموا قانونا هو في حدّ ذاته جعل بالأساس ضدّهم. وفي الواقع إن حجّة من هذا القبيل يعتمدها هذا المدوّن من شأنها دكّ وخلخلة تصريحات ناجي جلّول، بل وزلزلتها.
5- في المقابل وعودة إلى نصّ الردّ، يتجاوز المدوّن ردّه على الوزير، ويبسط حلولا هي بالأساس تضرب المعادلة التي يريدها السيستام أن تظلّ قائمة، إذ يتجّه تلميحا وتصريحا إلى ضرورة زرع ثقافة طويلة المدى عبّر عنها بقوله "وأهم حاجة عنا هي إنقاذ المستقبل القريب و تصفية الحساب مع كل من تلوث « ديجا ». وهاذي تجي بالتربية والتعليم والتمشي السياسي المدني السليم اللي يعلي مرتبة المواطن وما يناقش حتى حق من حقوقو".
6- أبعد من ذلك، ثمّة خطاب أصوليّ قائم، في المقابل أوجد أصوليّة مضادّة، هي التي أفرزت وتمخضّت عنها صورة الجنود بالتقاطهم تلك الصورة، وإنّنا بهذا الشكل لا يمكن أبدا أن نتجاهل وقوع وزير وجيش من المحتفلين نكاية في الجراد الارهابيّ ضمن حصار معادلة تفرض عليك أن تكون قاتلا أو مقتولا. على العكس، إن التصدّي لأيّ أصوليّة لا يكون مضادديّا أو من خلال ردّة الفعل العشوائيّة، إنّما يكمن في خرق المعادلة نفسها.
7- من ذلك التصرّف، صورة السلفي التي أشفت غليل العديد، وإن بدى في ظاهره محطّ اعجاب أو مجرّد خطأ، من الطبيعي جدّا أن يتحوّل الجندي هو الآخر إلى قاتل ساديّ ودمويّ، تحرّكه النزعة الاستئصاليّة المقيتة، وتجعل منه مجرّد آلة للقتل دون أدنى خصوصيّة انسانيّة حتّى في حياته اليومية والاجتماعيّة.
8- يبدو أنّ الطائفيّة/القروسطيّة التي يواجهها الجنديّ حوّلته بدوره إلى نموذج لطائفيّة أصوليّة مواجهة للأخرى وبالتالي نظلّ مجبولين على الاقامة في معادلة القتل، لا بناة للمستقبل.