تمرير المرارات ألاشعبية والدينار المسكين القصة الكاملة:

Photo

في ظل التهاوي الغير مسبوق للدينار الذي يعكس إنحدارا لخيارات لحالة عامة هي أصلا مأزومة تحمل في أرحامها شرارات سقوطها و تؤشر حتما للإنفجار الكبير ، إرتأيت أن أروي قصة الدينار في عدد من النقاط تباعا أعتقد أنها تساعد على فهم ما يجري او البعض منه . قد يراها البعض منذ الوهلة الأولى لا علاقة لها بالوضع العام و ما آل له الدينار ، لكن بشيء من التفكيك لا يمكن فهمه بعمق دون أخذها بعين الإعتبار.

بعد 5 سنوات من المروق الديسمبري وتتالي الضربات الموجعة في جسد وروح الحلم واستئساد الكابوس ، انتهت القصة إلى أن الجديد لا يتعدى نوع من ألامبالاة تجاه الشأن العام و بعض الشماتة في من صعّد الأفاعي و تحالف معهم وبعض من الإلتزام تجاه المفقّرين يؤنّب . ما تبقّى شعور بنزوع باطني نحو تغير ما .

في ذات اللحظة التاريخية التي يقتحمنا فيها الشعب الفرنسي العظيم شعب لاباستي la bastille سيّد المعارك الإجتماعية، الشرس ضد كل محاولة للمساس بحقوقه الإجتماعية.

لا يزال الشعب التونسي شعب المادة الشخمة المتصالح مع جلاديه وناهبي ثرواته والساكت على إعادة الصنبة من قوته وخبزه وملحه ، -لا يزال- يفتخر بثلاثة آلاف سنة حضارة و لا يكف على تجريم و تكفير المطالب الإجتماعية و يخرج قادتها من السياق الوطني.

كل شعب بما لديه فرح و لكل ما يستحق ،

أما طريق الحق على الرغم من كونه يرهق سالكيه و ينهكهم ويستهلكهم و ينخرهم فإنهم يصرون على عدم التبديل على أمل أن تستقبلهم قبورهم بحفاوة منقطعة النظير و توفر لهم الراحة التي طالما كانوا ينشدون .


1. كل ما ضاقت بهم السبل هرول جماعة الفؤوس عبر ‏القوّادين‬ إلى إثارة النعرات العقدية ، فهي أحسن و أنجع الطرائق لتجاوز مآزقهم و تمرير المرارات .

2. الإنتصار للقضايا العادلة لا يعني بالضرورة تقديس الرمز و تحويله إلى صنم . صناعة الأصنام رجس من عمل الأزلام لا تؤسس لديمقراطية مواطنية إجتماعية وتنتهي وثنية مقيتة تغتال العمران الإنساني .

3. عندما يختلط الدفاع على القضايا العادلة بالعصبية قبلية كانت أو قطاعية أو غيرها من أشكال التضامن الميكانيكي ، تسقط القضية و نسقط.

4. لمن العفة اليوم ؟

عندما يسترق الفقراء وأبناؤهم النظر إلى الڥيترينات ويمرون عليها مرور الكرام الأغنياء المتعففين ، فأعلم أن التبرجز الزائف لازال جاثما على صدور العباد في هذه البلاد الحضيرة . وأعلم أيضا أن اللصوص القدامى عززوا صفوفهم بجدد ، وأن القضية المركزية للشعب تؤكل وتتآكل وأضحت بلا سند ، والحل حتما لا يكون إلا بمزيد من الحشد وكثيرا من المدد من أصحاب القضية الحقيقيين .


شعب_المسحوقين‬ من الخدامة و البطالين ، في أغلبهم يقتاتون من الصخر الداكن و يعملون ‏أقنانا‬ لدى ‏المتبرجزين‬ ، أراهم ظروفا مواتية للإطاحة بنظام ‏الإستغلال‬ ، و أتساءل لماذا لا يفعلونها و هم حتما قادرين ، فأتذكر أن ‏البؤس‬ وحده لا يصنع ‏الثائرين‬.

• حمّالة الهموم ينقرضون تباعا والقطعان المتأهبة و المؤلفة قلوبهم و جماعات التنبير ، كلّ يغني ليلاه . أما شعب المفقرين إختار السبات العميق و إيقاظه واجب حتى يسترد حقوقه و في أضعف الحالات حتى نحرمه من الحلم بحرية لا يستحقها ولا يستحقونها.

• فقه الغباء يفترض أن لا نقف موقف المتفرج من الغباء لأن القبر سيوفر لنا متسع من الوقت وما يكفي منه للصمت ، على الرغم من أنه وحده الغباء على علاته كثيرا ما يمنع عنا الجنون والهم والغم و بدونه تستحيل الحياة إلى مقارعة مفتوحة تذهب القلوب والأبصار و تجهز علينا و تردمنا.

• العراك العقيم والأقلية الغاضبة :

ما يتغاضى عليه أغلب المتابعين للشأن العام هو أن العراك الدائم بين أغلب تشكيلات اليسار و أكبر فصيل إسلامي في بلاد المادة الشخمة ليس عراك مشاريع أو برامج بل هو عراك حول من يتحالف مع حزب المستبد في نسختيه نسخة المقبور ونسخة الفار .

وقد أثبت حزب المستبد وبطانته وزبانيته أن له قدرة فائقة على اللعب على هذا الوتر و إستثماره بشكل جيد في وضع يده على العباد والبلاد و من ثمة السيطرة على الضمائر والمصائر بما يؤبد هيمنته على السلطة والثروة. ولن تقوم قائمة لهذه البلاد ما لم يتحول العراك إلى تنافس حول آليات تفكيك نظام الإستبداد و إستراتيجيات بناء فضاء يتسع للجميع على مختلف مشاربهم .

في هكذا وضع ، وحدهم المفقرين المبعدين من التاريخ السياسي والإقتصادي والإجتماعي والثقافي للبلد ، المحرومين بالقوة وبالفعل من الإسهام في تحريرها الفعلي من الوصاية الخارجية المباشرة أو عبر وكلائها المحليين ، وحدهم يدفعون الثمن من أقواتهم وملحهم وشحمهم و لحمهم و دمهم .

مع أنه من المؤكد أن المفقرين لا شحم ولا لحم لهم ، هم مجرد عظام تصر على أن تنتهي واقفة.
كما انه لا مستقبل لأي عمل أو مشروع لا يحمل في أرحامه إنحياز لهؤلاء و عداء لأولائك.
النهضة الإسلامية تتغير و الأرجح أنها تتقدم بخطى ثابتة نحو فرض الإعتراف بها و قبولها كمكون أساسي للمجتمع السياسي قادر على إبتلاع ما تبقى من نظام قديم تأبى القطع معه و تصر على إصلاحه بقصد التمكن.

اليسار المريض يطلق كراساته البالية ويستمسك بتبرجزه الإيديولوجي المنكر لهوية الشعب المفقر بعد أن بدأ يفقد تدريجيا ما تيسر له من قدرة على إستعمال زبانية و أعوان ومقدرات نظام الإستبداد.

المحصلة ، هناك جزء لا يستهان به من المفقرين من يرون في الإسلام كل الحلول وفيهم من يعتقد في الخصوصية التونسية المزعومة الحنبعلية تارة و المستغربة تارة أخرى. أما الحل يمر حتما عبر القبول بهذا وذاك والتوافق على الأدنى المشترك للتعايش و التداول ، وفي غيابه التنازع و التباغض الذي يمكن أن ينتهيا تقاتلا ينتصر فيه الأقدر على التحشيد الشعبي أو الأقدر على إستجلاب الكوميسيون ويسقط الدينار وتأتي المبادرات التوحيدية والتصالحية العشوائية .

لكن ذلك ان فرضية الإنتصار يبقى حكرا على الأغلبية المتقاتلة ، فالأقلية الغاضبة المستوحشة لطريق الحق تصر على أن لا تتعب و تسلكه تبقى الأقدر على الإنتصار و أظنها ستفعل.

مؤكد أن القصص الكبيرة لا تزال تنتهي حتى تنتفض من جديد ، ومن آثر على نفسه ولو كان كره له إنتصر.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات