سنصير شعباٌ كي نصل ولا نموت فرادى..

Photo

التعصب والتطرف والعائلية والديكتاتورية هي محددات في شخصيتنا العربية ، ليست في دين، أو في حزب أو في تنظيم، هي تشكيل أفرزته المآزق التاريخية والسياق الجمعيّ الذي عاشه العربي.

لن يكون أي حزب أفضل من غيره، وليس من حزب علماني أو دينيّ متحضر ومدنيّ أكثر من غيره، التوجه الشيوعي والقومي والإسلامي كلها بنى قائمة على الصراعات الداخلية العنيفة على العائلية والطائفية التي أفرزت وشكلت البنى الحزبية التي تغلف خطاباتها بشعارات ساذجة تجعلها غريبة عنها.

سنصير شعباً حين نتوقف عن التصرف كأفراد، حين نتعلم كيف نستوعب خلافاتنا وكيف نوظف تنوعنا، وكيف نستثمر التناقضات فينا.

سنصير شعباً حين نفكر بمستوى شعب، نخطط ونبني، نعلي شأن الفكرة على الشخص، وشأن القضية على الزعيم.

سنصير شعباً حين نتوقف عن الخوف ونحلم بلا قيود، بالحرية والحياة دون أن تعيقنا الامكانيات، فالامكانيات تولد حين تحلم الشعوب.

سنصير شعباً حين يتوقف الشعراء عن التصفيق لبعضهم والكتاب لبعضهم، والباحثين لبعضهم، وحين يخرج الفنان من صالاته، والشاعر من مقهاه، ويقتنعون أن البذور ان زرعت خارج الحقل تموت، وحقولنا قلوب الناس في الشوارع.

سنصير شعباً حين نفكر بالشوارع، كيف نمشيها ونبنيها، لعلنا يوماً ما نصل...

سنصير شعباٌ كي نصل ولا نموت فرادى..

حين ضاق الخناق على عنق المعتمد بالله ملك إشبيلية، وتقدم جيش ألفونوس للحدود الأمامية، سأله ابن عمار: ماذا نحن فاعلون. قال له نعد الجيش لحرب ضروس، فأجاب ابن عمار: ستسقط إشبيلية ولن يبقى رأس فوق جسد إن خضنا الحرب! قال المعتمد: إن سقطت إشبيلية لما يبقى رأس فوق جسد؟

لم تسقط إشبيلية، أعد المعتمد جيشه، واستنجد بجيش المرابطين في المغرب وهو عارف أنه سيخسر الملك، خسر الملك وربحت البلاد.

هذا ما لا يفعله أي زعيم عربي اليوم، عصابات من القتلة واللصوص في الخليج والمغرب وبلاد الشام.

حين تكون ضعيفاً بلا رؤية أو مشروع، يرسم لك المستعمرون رؤية ومشروعاً يوافق أطماعهم، ويلبي حاجاتهم ويقصقصون أطرافك للأبد.

حين تكون ضعيفاً بلا رؤية أو مشروع يرسم لك المستعمرون نصف أحلام، نصف بلاد، ويمنحونك نصف سيف لتقاتل نفسك للأبد على أنصاف حلول وانصاف أمنيات.

حين تكون بلا رؤية أو مشروع، يشكل المستعمرون هويتك، يصيغون خطابك يصنعون ثقافتك ويتركونك هائماً تائهاً تبحث عن معنى للأشياء.

هكذا حصل في بلادنا، هكذا حصل في كل الدول العربية، هكذا حصل في قرار التقسيم، في مثل هذا اليوم قبل سبعين عام.

أنظمة التخلف العربية ماضية نحو حتفها بأيديها. فجر المقهورين سيطل من حروب قادمة لا مناص منها ولا أمل للاستعمار فيها، عهد أمريكا ولى ومعه اسرائيل والسعودية، والفوز لمن تعلم تجربة عشرات السنين من الرهان على غرب متخلف ولحق بمحور الشرق مظفراً.

هي الأيام ستكتب الآن ما حسبه الكثيرون مستحيلاً..

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات