لا تطلبوا من أهل غزة شيئاً، فقط اعتذروا واصمتوا.

Photo

الخوف يا ولدي أن تخفي اتساخ سترتك التي لا تملك غيرها…
وأن يمر الحب كل يوم من أمامك دون أن يحط رحاله …
ودون أن تقول له "مهلاً"…
وأن تنام كل مساء منتظراً أحداً لن يأتي
ولن يطرق باب غرفتك

لا تطلبوا من أهل غزة شيئاً، لا أن يبدو كمقاومين أسطوريين لا يتأثرون بما حولهم، ولا أن يظهروا بزي المقاوم الذي يواجه الموت ولا ينكسر. الناس من لحم ودم ومشاعر، يبكون ويفرحون، يحبون الحياة ويخافون وحشة القادم، ولديهم مخططاتهم ومشاريعهم للمستقبل، يقلقون على أطفالهم، وينتظرون الصيف للسمر والفرح، يكدون ويتعبون ويحلمون ببلاد جميلة وحياة هانئة.

عشرون ساعة بدون كهرباء، بطالة متفشية، وعقوبات من السلطة والاحتلال وحصار من اثني عشر عاماً، وضغط من كل دول العالم التي تدعي سخافة الديمقراطية وكلاشيهات الرجل الأبيض. كل ذلك ولا تزال غزة، تخلق الأسطورة كل يوم، وتعجز الممكن كل يوم. جوع الناس مقاومة، شتائمهم مقاومة، قهرهم وجنونهم مقاومة.

لا تطلبوا من أهل غزة شيئاً، فقط اعتذروا واصمتوا.

مضى ناجي

اختزل ناجي ضمير شعب بأكمله، ورسم أحلام أجيال من الفلسطينيين، وثق الحاضر واستشرف المستقبل، وبخطوطه الصادقة قال ما عجزت عنه كتائب من المثقفين التي عولت على مشروع ينخر الفساد أحشائه.

كانت لا بد أن تكون نهايته كهذه، فالثوريون لا يموتون ميتة طبيعية إما في الميادين وإما اغتيالاً من الجبناء.

مضى ناجي، كما غسان من قبله، قد يكون اليوم من اغتالهم بات عجوزاً أو قد توفي، ما المهم في ذلك؟ فالتاريخ قلما يسجل تاريخ القتلة والمجرمين. لكن من يشبه ناجي لا يموت، في كل يوم يولد ألف حنظلة، وفي كل يوم ينكسر ألف خزان، وفي كل يوم تمشي جموع من البسطاء من مخيمات اللجوء وحتى غزة، يحملون تاريخهم وأحلامهم ويمضون ليعودوا من حيث خرجوا قبل سبعين عام.

البنية التالفة لن تولد سوى أطر تالفة مثلها

البنية التالفة لن تولد سوى أطر تالفة مثلها، لذلك لن ينجح العرب لا في الرياضة ولا في الاقتصاد ولا في المعرفة، فكله مترابط، لأن نجاح حقول كهذه يتطلب تقسيماً عادلاً ومدروسا للموارد والتقسيم يتطلب أنظمة رقابة ضد الفساد وادارة سليمة والادارة تطلب منافسة ديمقراطية على الكفاءات، والكفاءات تتطلب أطراً تصنعها، والأطر تتطلب رؤية ومشاريع ممنهجة، ولا شيء من هذا في العالم العربي.

المشروعات في سياقنا ليست سوى ارتجال وعفوية، أو مشروعات فردية تفرض نجاحها لأنها وحدها صاحبة النجاح.

حين ننجح في صناعة مؤسسات سياسية ووطنية حقيقية ومستقلة تعمل بشفافية ونزاهة وتملك رؤية بعيد المدى حينها سنبدأ بصناعة المستقبل وحتى ذلك الحين فلتستمتعوا بالنجاحات الفردية التي انتصرت على كل الهزائم.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات