مع مرور الوقت اتضح ان نزاع نقابة التعليم الثانوي مع الوزارة طال امده و يدخل في مرحلة حرجة تستثير القلق و تتزامن مع سياق دقيق لأول استحقاق انتخابي بلدي ما كاد يصله التونسيون إلا بصعوبة.
يتضح ايضا مع الوقت اننا امام سياق سياسي دقيق قد لا يتحمل القطاع كلفته لوحده. ولقد اظهر الاساتذة لحمة قطاعية فاجأت الجميع وفاجأت الوزارة ذاتها والوزير العائد من مدرسة الكفاءة النوفمبرية والذي راهن على امكانية كسر شوكة اهم نقابة واهم منتظم نقابي وطني (الاتحاد العام التونسي للشغل).
يحسن التذكير ببعض عناصر السياق والتي لم تعد خافية على العيان:
1- تونس تعيش صعوبات فعلية في المالية العمومية تكشفها ارقام معيارية مثل عدد ايام التوريد و نسبة التضخم وسعر العملة ونسبة المديونية ونسبة النمو ... وعمليا نحن نعيش حالة تقشف غير معلنة.
2- هناك سعي حثيث لتمرير ما يسمى بالإصلاحات الكبرى ذات الكلفة الاجتماعية العالية وتحت غطاء ما يسمى الحكومة الوطنية و التوافق وهي وصفة قديمة تطل عند الازمات.
3- اتحاد الشغل يمر من مجرد التعبير عن عدم الرضا عن الاداء الحكومي الى المطالبة بتحوير حكومي شامل و في مدى قريب جدا و رغبته هذه تجد صدى ايضا لدى منظمة الاعراف لكل منطلقاته لكنهما عمليا متفقان على التحوير. و يبدو ان الوصفة تتجه نحو حكومة كفاءات لاحزبية.
4- النقاش حول التقاعد و الذي تتصدره نقابة التعليم الثانوي نقاش جدي ولا يمكن التهوين منه و هو نقاش قديم يعود الى السطح كلما تعاظم النقاش حول ازمة الصناديق الاجتماعية.
5- الانتخابات البلدية استحقاق دستوري وطني تعثر المرور اليه لكنه يتجه الى الانجاز رغم كل شيء وفيه مكون تشريعي يتعلق بمجلة الجماعات المحلية والتي لم تر النور بعد. سير العمل في البرلمان يوحي بكبح و تمطيط للمصادقة على الفصول في انتظار تلمس النتائج ومآلها.
6- توافق حكم هش ومؤقت يخفي نوايا تغول وممارسة فعلية في اتجاهه رغم الهشاشة الحزبية يعتبر من اهم عوامل ضعف الاستقرار وانعدام الثقة امام امكانية استكمال الانتقال الديمقراطي (...)
7- محيط اقليمي معادي للتجربة الديمقراطية التونسية.
في هذا السياق لا يجد الشاهد ووزير التربية حرجا من رفض التفاوض مع الاتحاد وهو يطلب رأسه و الحكومة ويدخل معه في لعبة مساومة وكسر عظام . ولاشك ان التصعيد يدفع الامور نحو التازيم وهو سيناريو انقلابي بامتياز يستهدهف تجاوز الاستحقاقات الانتخابية وفرض توازنات سياسية جديدة خارج منطق الصندوق.
كان هناك تعويل على وساطة البرلمان لحلحلة الوضع ولا يبدو ان البرلمان بوضعه الحالي قادر على لعب دور وساطة تقريب وجهات النظر و استنساخ تجربة الرباعي الراعي للحوار لسنة 2013 لا تبدو متاحة في المدى المنظور لأسباب عدة. ربما يكون الحل في التأجيل ودفع مطالب الفرقاء نحو محطات اخرى و بالتفاوض دون سواه.
- تأجيل تمرير / النقاش للإصلاحات الكبرى
- تأجيل المطالبة بتحوير حكومي في المدى القريب
- تأجيل النقاش في مطلب مراجعة سن التقاعد و الخصوصيات القطاعية مثلا بنصف سنة الى ان تعتدل الميزانية العمومية.
- ترجيح المصلحة الوطنية من الجميع.
- ايقاف التوريد العشوائي و نزيف العملة الصعبة لحماية السوق الاستهلاكية الوطنية والعملة الوطنية.
ولّي عندو حجرة يرميها.