بعد هذه العملية الإرهابية الأخيرة التي سبقتها عمليات كثيرة أخرى وتصفيات لشخصيات وطنية طيلة سنوات ما بعد تلك الثورة التي طالما تمنينا أن تؤتي ثمارها في الوعي والإدراك والثقافة أو بكلمة بسيطة في العقليات عندما تتحدث مع أي تونسي بسيط يقول لك المشكل في العقليات ولكن من ناحيته لا يحاول أن يغير من ذاته ولكن تجد أسرع ما يكون في لوم وعتاب ونقد الآخرين في حين أن كلنا يعرف أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم...
عملية تليها عملية وكلما انسداد الأفق أمام العاملين السياسيين والقوى المتمترسة المختلفة كلما دبرت عملية لرهن الواقع ولفرض اجندات معينة إقليمية أو دولية أو حتى داخلية ..لا احد ذو عقل راجح يمكنه أن يصدق أن الإرهاب قابع في الجبال الكل يعرف أن هناك أزرار يقع الضغط عليها متى طلبت الظروف والمصالح المتشابكة ذلك…
أزرار تحركها أشخاص ذات نفوذ ولها حماية ومن ورائها مصالح ..يتحرك الإرهابيون ظنا منهم أنهم يدافعون عن دين الله وهم مجرد مستخدمين لمصالح أباطرة الشر أعداء الوطن والشعب. ذلك الشعب الذي ارتهن ضمن قوته اليومي يجري في كل اتجاه ولا يستطيع أن يحقق شيئا .. أنه تحت طائلة غلاء الأسعار وأعباء الحياة اليومية فكل المصالح والمرافق أصبحت شبه راكدة والعمل يتقهقر...
ماذا نلاحظ بعد الثورة ...لا بد من التشخيص الحقيقي الحالة لكي نفهم الى اي حافة وصلنا ولكي نسلك بحق دروب الخلاص لمن له ذرة حب للوطن لتونس .
1) كثر الكلام المباح :. ..
لا تسمع إلا كلاما ..كثرت القنوات التلفزيونية والإذاعية وخلناها في البداية عنوانا للتفتح والحرية والديمقراطية ولكن اصبحت مسرحا لكل من هب ودب من ليس له أي مستوى علمي أو فكري أو ادبي أو ثقافي أو أخلاقي أو مدني أو اي حس مرهف إنما امتلأت بالرداءة في السلوكيات والألفاظ والسخرية على من يقول كلمة الحق وأصبحت تناقضاتنا تدار في البلاطوات التلفزية للسخرية على اشخاص تتناقض معهم أو نختلف معهم محاولة تقزيمهم ومن ثم محوهم وابراز أشخاص تافهين سواء المنشطين أو المدعوين ..
لا تسمع إلا كلاما لا وجود لعمل ... التونسي متكلماني وهذه آفة قد تقضي على امم اذا تكلم فيها التافه فضلا عن أن الكلام الكثير حتى وإن كان صادقا لا يؤتي اكله وثمره أن تصبح تعويضا عن الفعل…
2)قل العمل في كل المجالات الاقتصادية :
لا نرى إنتاجا مرتفعا مقابل استهلاك في تزايد..العائلة التونسية أصبحت من أكثر العائلات استهلاكا وهذا على كل الأصعدة ...مواد غذائية غير ذات حاجة أكيدة ..كهرباء. غاز .ماء ..طاقة ..سيارات تجوب الشوارع الكارثية ليل نهار في الفارغ ..لا لإنجاز عمل أو في إطار الدورة الإنتاجية وإنما في إطار الدورة الاستهلاكية..
اذا رأيت اكتظاظا مروريا فهذا لا ينبؤ بعجلة اقتصادية مرتفعة أو بحركة إنتاجية بل قد يكون في أغلب الأحيان عبارة عن دوران حول الفراغ لقضاء اشياء تافهة : مطعم ..مقهى .. شيشة..الخ التونسي أصبح مستهلكا بامتياز ولا يحسن التصرف في ماله ..ينثره يمينا وشمالا دون دراية هذا لمن له قدرة استهلاكية أما الزوالي فهو تحت الارض يتجه نحو الذل أو الانحراف أو الحرقة أو او....
3)الأجهزة الأمنية أصبحت مخترقة :
وهذا بشهادتها هي نفسها وانقسمت انقسامات وراءها أصحاب المصالح اللذين يحاولون السيطرة عليها بالمال الفاسد..وظهرت فيها النقابات الأمنية مما زاد الطين بلة..فالمعلومة المفيدة تضيع بين الأجهزة فضلا عن أن من بينها من هو ضالع في تحريك الارهاب لان الإرهاب هو صناعة وليس رجالا فلاقة في الجبل.. أنهم رجال اغبياء لهم فكر متخلف يسهل توجيههم ولكن من المستفيد ولماذا يضربون بعد كل انسداد أفق أو أزمة سياسية..
لماذا يضربون اليوم بعد ظهور نتائج الانتخابات البلدية وبعد ظهور من ينادي بإقالة الشاهد وتغيير الحكومة وظهور نداءات في الاتحاد لتسخين وتوتير الجو...!! هذه كلها استفهامات مشروعة نفهم من خلالها لماذا وقعت العملية الإرهابية الان ..هي اذا لفرض حل معين دون حل آخر.. هل اصبحنا جاهزين للعملية الديمقراطية ام لا…
اذا كانت فاتورة الديمقراطية أبناءنا من الحرس الوطني أو الأمن أو الجيش وارتهان قرارنا السيادي للبنك الدولي وارتفاع الأسعار ودفن الطبقة المتوسطة والرداءة الإعلامية والفن الهابط وفشل التعليم وسقوط الدينار وانتعاش الفساد واكتئاب الشباب و و و فلا اهلا ولا سهلا بها إذا علمنا اننا لسنا نعيش ديمقراطية حقيقية بل هناك فقط متنفذون يفرضون الثقافة والمعلومة والموقف الذي يريدون ونحن نوكيا فقط بركاتهم فلا اهلا ولا سهلا بالديمقراطية الزائفة ومرحبا بإعادة النظام وهيبة الدولة وضرب الفساد وفرض الإصلاح وكبح جماح المتغولين والمافيات المتعددة والولايات المتنفذة.
4) الأحزاب السياسية المسيطرة لا تملك أي مشروع اقتصادي اجتماعي تنموي :
لا النداء ولا النهضة ولا اليسار ولا حتى الاتحاد فالنداء ملأ أناسا فاسدين طماعين جشعين وصوليين ونعرفهم إلا من رحم ربي والنهضة مملوءة متسلقين وفارغي مبادئ ومنبطحين ولا يحق لها أن تتكلم باسم الدين لا هي ولا من يعارضها ..
لا يصح في دولة مدنية أن يتخذ حزب العاطفة الدينية مطية للوصول للحكم والنهضة منذ انت لم نرى إصلاحات جوهرية وهي من نفس النسق..لا يصح لمن يعارض النهضة أن يكيل السباب للدين ويتخذ الحوار شكل ديني تارة عن المرأة وتارة عن الميراث وطورا عن المثلية لحشر النهضة في الزاوية انكم تحشرون دينكم الذي هو عصمة امركم في الزاوية لا رأينا المسيحيين ولا اليهود يخسرون دينهم في الزاوية ..
فكفى همجية وكفى لعنة..فالدين دين كل تونسي وكل تونسي هو مسلم انتماء وحضارة كفى جعل الاسلام مشروعا سياسيا بل العمل على رفعه نحو مشروع حضاري واليسار مملوء انتهازيين ومتنطعين لا هم لهم إلا ضرب الدين حتى الصهاينة لا يضربون ديننا مثلهم فهم لا يحملون مشروعا ولا نعرف لهم غير آلة الهدم والمعاول مرفوعة بكاء على العامل وهم في أول فرصة يمتطون ظهره للوصول إلى الكراسي ..رغم الكثير من الوطنيين اليساريين الصادقين..
اذا كفى الأحزاب المئدلجة انخراطها في الحكم ليأخذ الحكم رجال صادقون وطنيون من النخبة المدركة فعلا للتحديات رجال يفهمون ما يعملون ولهم نظرة استشرافية ولهم استراتيجيا منجحة لتونس وليكون الجيش من ورائهم سوريا للوطن وعليه الحل لتونس لن يكون إلا :
1) بإنتاج طبقة سياسية شبابية جديدة :
ضمن حراك مدني وطني بعيد عن الثلاثة أحزاب التقليدية .
2)مسك الجيش مقاليد الأمور بيد من حديد لإرجاع هيبة الدولة :
وشن حملة حقيقية على الفساد والتهرب الجبائي والإرهاب المصنع محليا واقليميا.
3)حماية تونس من مشاريع الادلجة تحت أي مسمى :
اسلمة المجتمع أو تقويشه الى اليسار أو قومجته أو او فرنسته أو...لا بد لكل هذه المشاريع التقسيمية للمجتمع أن تنطفئ وتنحسر ويولد مشروع وطني استثنائي لا هم له إلا انقاذ الوطن من الوضع الكارثي.
4)رفع راية مشروع ذو ثلاث ابعاد أو ثلاث تاءات :
تعليم- تنمية- تشغيل هذه هي المواضيع الأساسية التي لا بد للتونسيين أن ينكبوا عليها الان عوض مواضيع الدين والميراث وتعدد الزوجات والمثلية و التمنييك الباقي الك.
5)لا بد من إصلاح التعليم :
نحتاج مشروعا جديدا للتعليم من الابتدائي الى الجامعي وفتحه على المحيط الاقتصادي والاجتماعي تشجيع البحث التكنولوجي والتطبيقي فتح مسارات حقيقية جدية وكنس التصورات البالية والشهائد القديمة لا بد من شعب علمية جديدة تستجيب لمتطلبات الواقع لن يكون كل متخرجينا أطباء يجمعون الأموال كفى هراء وتخريفا.
6)التنمية لن تكون إلا باستراتيجيات واضحة ومشاريع قوية :
نحن شعب صغير ذو عشرة أو احداش أو أثناء مليون نسمة قادرون أن نكون قطبا تكنولوجيا مشعا على أسواق افريقيا والشرق العربي والخليج في ميدان تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لم لا؟ لو وضعنا أنفسنا على السكة - لماذا لا نتجه فعلا الطاقات البديلة مثل الطاقة الشمسية فننتج الكهرباء..لماذا لا نبتكر طرق رسكلة لمياهنا المستعملة.. - لماذا لا تنخرط الدولة في مشاريع بنية تحتية كبيرة للنقل شبكات سكك قطارات سريعة بين المدن وتحت الانفاق أو في الهواء ..لماذا تفتقر تونس إلى TGV بين المدن وهي البلد الصغير جغرافيا ..
.. –لماذا لا توقف نزيف العملة الصعبة وتوقف توريد السيارات وتوقف اكتظاظ الطرق المرورية لماذا لا نستثمر القروض في بنية نقل عصرية خالقة لمواطن الشغل .
.. –لماذا لا تنخرط الدولة في مشروع عصرنة الإدارة وذلك سيدر عليها أموالا ولنا إدارة تتطلب تطويرا وهي قادرة على ذلك .
–لماذا لا يقع استقطاب الشباب العاطل إلى قوة الجيش لحماية حدودنا مقابل منحة ويقع تهذيبهم وتدريبهم فيفيدون البلاد عوضا عن بقائهم ساعات في المقاهي أو أمام المعاهد مشاكسين العامة أو لقمة سائغة للانحراف..لماذا .
- لماذا لا تفتح الجامعات والمقرات التعليمية للتعلم الغير رسمي لنحت مواهب مخفية في رؤوس أصحابها.
- لماذا لا يقع تغيير وجهة المقاهي المتكاثرة كالفوقاع لتصبح ورشات تكوينية في تكنولوجيات ممكنة أو ورشات لاكتشاف مواهب الشباب في المسرح والفنون والسينما - لماذا لا تراهن الدولة على الإنتاج السينمائي لخلق ديناميكية ثقافية خاصة ونحن نملك الكثير من المواهب لنرى التجربة المصرية أو الهندية أو حتى التركية وتوقف نزيف المهرجانات السالبة للعملة.
- لا بد من إيقاف النزيف الاقتصادي والاجتماعي بحلول استثنائية لا بد من كبح المطلبية بهدنة مع الاتحاد لمدة عشرة سنوات تستقر فيها الأجور وكذلك الاسعار لمصلحة الوطن هدنة تتفق فيها كل القوى الوطنية حتى تقف تونس على ساقيها من جديد وتخرج من حلقة الاقتراض والتداين لا بد من سياسة تقشف في العائلات التونسية وعلى مستوى المؤسسات والدولة .
كفانا هدر أموال على السيارات الإدارية وصكوك المطاعم و..و…على الاتحاد أن يفهم هذا وإن دوره نقابي لا سياسي وإلا انحسر دوره وكرهته البلاد والعباد… بني وطني هذه وصفة لحلول استثنائية تتطلب فقط أناسا وطنيين في قامات فرحات حشاد وخير الدين التونسي ومحمد علي الحامي وابي القاسم الشابي وعلي بن غذاهم الماجري وبن زديرة والدغباجي وغيرهم في تاريخنا كثيرون رجال صادقون يغلبون المصلحة العامة وان لم تسرع في هذا المسار ثقبت السفينة وغرق الجميع أو قد تعودون الى هذه الحلول بعد فوات الاوان وحصول ما لا يحمد عقباه لا قدر الله .
- انا قد بلغت اللهم فاشهد فاجعلني مع زمرة رجال تونس الصالحين احمل معهم المعول للاصلاح ما قدرت وما احييتني .