الواجهة الاقتصادية
لن نتحدث عن العولمة من الجانب الأيديولوجي فإما أن نكون ليبراليين فنبارك انجازاتها التي قربت بين أطراف العالم أو نكون يساريين فيتحتم علينا رفضها اجمالا..نحن سنتحدث من جانب براجماتي عملي يحلل الظاهرة من جانب اقتصادي وسيتلو هذه الحلقة الأولى حلقات أخرى متتالية تتناول الجانب السياسي والجانب الاجتماعي والجانب الثقافي .
في الجانب الاقتصادي الذي هو أهم وأوضح واجهة تسعى العولمة لكسر كل الحواجز الوطنية من أجل توزيع السلع الشركات متعددة الجنسيات هذه الشركات التي لا هم لها إلا جمع الأرباح وهذا جوهر وجودها الذي هو شيء طبيعي غير مفاجئ ولكن أن تكون ورائها استراتيجيات ضخمة لتطويع الاوطان وجعلها سوقا واحدة للمستكبرين في العالم هو الشيء المنافي لابسط قيم الوجود والتكافل والعدل ..
انها شركات لها باع وذراع وسياسات توسعية تلتهم الاخضر واليابس خاصة عند اقتحامها لبلدان العالم الثالث أو بلدان في طريق النمو ..فهي تجهض احلام انجاز اقتصاد وطني قائم على ساقيه باخضاعه لمتطلبات السوق..فنحن اوطان نفتقد السيولة الكبيرة المالية ولم نصل بعد إلى مستوى مرموق في الإنتاج والإنتاجية واهم من ذلك احترام مواصفات الجودة العالمية التي أصبحت من اختصاصهم هم من يرسمون معالمها ويحددون شروطها..
فمثلا شركة ماكدونالدز الأمريكية هي مثال واضح متجدد لاختراق السياسات الوطنية في الاقتصاد في بلدان أوروبا وآسيا وأفريقيا.. وهي شركة أنانية تتخذ لها في ترابك موطن قدم ولا تربحك شيئا إلا أن تستهلك منتوجاتها فحتى البطاطا التي تستخدمها لإنتاج الفريت تزرعها هي بمعرفتها باستخدام لاقطاعات ومزارع تتخذها كي تنقص وتتحكم في تكلفة الإنتاج ولا يعود للوطن اي ربح يذكر فان انت كدولة رفضت دخولها وضعت في قائمة سوداء وعلى مقدار منوال ماكدولندز الاستعمارية هناك قائمة أخرى طويلة وعريضة من الشركات الناهبة للأوطان مثل بريتش فاز وطوطال وغيرها النفطية التي تنقب عن النفط الوطني ولا يستفيد الوطن من الخبرات التي تجدها لأن الدولة غير قادرة ماليا على تنفيذ مشاريع كبيرة استكشافية للنفط تحتمل النجاح أو الفشل ولكن هذه الشركات الضخمة لها من السيولة المالية والخبرات والتقنيات الضخمة ما يمكنها من إنجاز واقتحام هذه المشاريع المربحة..
نذكر كذلك شركات مثل Procter and gamble و شركات ايرنست هاوس و....و... وكلها ناهبة متوسعة ضخمة لها أسطول من التجهيزات والتقنيات والمال…
انها الرأسمالية في أوجها واستمرارها العالمي تجتاح المنطقة تحت اسم العولمة فلا مصلحة لنا فيها من قريب أو بعيد..
أنه التوسع الإمبريالي يتخذ ذراعا اقتصادية لتركيعنا تحت عنوان التعاون الاقتصادي والحضارة العالمية التي لا تحترم خصوصيات الشعوب ومستوى تمدنها ومتطلبات نهضتها..
علينا اذا أردنا ايجاد اقتصاد وطني يكون حصن امان للأجيال القادمة أن نعمل في هذا الإتجاه من أجل تطوير ملكات الخلق والإبداع العلمي والتكنولوجيا الوطنية..أن تشجع الدولة الاستثمار الوطني في هذه المجالات وتحاول حمايتها من الاحتياج الأجنبي..
انتظر الى دول شرق آسيا من هونكونج وتايوان وسانغافورة والصين كأمثلة رائعة للحماية الوطنية للشركات protectionnisme التي نجحت في رسم سياسات وطنية لاقتصاد وطني..
اليوم مثلا عاقب ترامب رئيس الولايات المتحدة الامريكية المجنون الصين برفع الضريبة على السلع الصينية من 10% الى 25% تحت عنوان معاقبة الصين على سياساتها الغير عادلة اوووف أنه الاستكبار العالمي الاقتصادي.
فلا حظ لنا إن لم نقف على ساقيها ببناء اقتصاد وطني إلا ان ننعق في الصحراء ولا من مجيب ونبقى سوقا استهلاكية نعيش كالعبيد.