في صناعة الثورة

Photo

صحيح أن الشعب رغم وعي بعض أطيافه إلا أنه سهل الخداع والترويض وله من البراءة أو السذاجة ما يجعله يقع ضحية الاستحمار من مافيات الفساد والفاسدين وما أكثرهم في بلدي..

صحيح أن عجلة التنمية لم تقلع وان وعود التشغيل التي قطعتها الحكومات المتتالية لم تنفذ إلا أن الكثير من الجيل الجديد لم يتعود الرضى باي عمل الشيء الذي جعل الدولة تستجلب عمالا اجانب في مجالات كثيرة عزف عنها شبابنا مثل جني الزيتون وفضل الشباب العاطل الجلوس في المقاهي التي تكاثرت كالفوقاع للعب بالجوال ومقارعة الشيشة ومعاكسة الفتيات أمام المعاهد..!!!

صحيح أن هذا الشعب لما ثار في 2011 أطرد رأس النظام ولكن فشل في كنس منظومة الفساد وأعاد الفاسدين بقوة من جديد.

صحيح ايضا أن الأسعار ارتفعت وتدنت قيمة الدينار وانخفضت المقدرة الشرائية وارتفع العجز في الميزان التجاري وارتفعت نسبة التضخم المالي كما ارتفعت المديونية ولكن ذلك يرجع أساسا إلى أننا تكاسلنا كشعب عن الإنتاج والإنتاجية وارتمينا نحو الاستهلاك المشط دون أي رحمة. فالإدارة انخفض مستوى أدائها والمعامل أغلقت نتيجة تصاعد وتيرة الإضرابات والتجارة كسدت ولم نحمي اقتصادنا من الواردات الغير ضرورية لا لشيء إلا لأن هناك مافيات تفرض توريد منتجات لا نستحقها كشعب ولكن تسترزق منها مافيات الفساد كتوريد الموز والكيوي والاناناس والافوكادو والقلوب التركية وغيرها من الغلال التي لا يستهلكها شعب يريد أن يصلح اقتصاده.

صحيح أن المستشفيات كثر فيها إذلال المواطن ولكن لأننا كدولة وكشعب لم نصلح مجال الصحة العمومية برفع مستوى الإطار الطبي وغير الطبي من الناحية المادية والتكوينية فهاجر البعض وهجر البعض الآخر الميدان العمومي لمصلحة الميدان الخاص الذي كثر فيه ابتزاز المواطن من الوريد الى الوريد. نفس الشيء حصل في ميدان التعليم لم يقع إصلاح المنظومة ووقع التعليم ضحية المطلبية النقابية التي أساءت لسمعة الاستاذ عندما بحثت عن رفع أجره اكثر مما نفعته لأنها أشاعت عند عموم الناس أن الأساتذة ماديون خاصة عندما استخدمت النقابة أساليب غير لائقة بالتعليم والمربين مع أن الأستاذ هو اكثر واحد يستحق تلك الزيادات لان كل القطاعات استفادت على حسابه..

صحيح ايضا أن الأحزاب السياسية لم تكن صادقة ولكن الشعب هو الذي قوى قبضتها فأصبحت لا تلتفت إليه بعدما ركبت على ظهره للوصول.

صحيح أن ابتلينا باحزاب لا تنظر لمصلحة الوطن أكثر من مصلحتها الخاصة...فالنهضة واليسار مثلا رغم أن الكثير من المنتمين إليهما يحبون الشعب إلا أنهما يفضلان المصلحة الحزبية الضيقة على مصلحة الشعب فتجد مثلا أن النهضة لما وصلت واقتربت من الحكم سواء في عهد الترويكا أو عهد السبسي لم تقم بأي اصلاحات بقدر انها بالعكس قامت يتناولان مؤلمة على حساب مصلحة الشعب وقبلت تمرير مشاريع ضد الشعب ومع صندوق النقد الدولي ولم تحافظ على السيادة الوطنية.

صحيح ايضا اننا ابتلينا بحزب حكم منذ الاستقلال الى الآن واتخذ تلوينات مختلفة من حزب دستوري الى تجمع الى نداء ضم الفاسدين والمتملقين والمنافقين وأصحاب المصالح إلا أن الشعب لم ينجح في طردهم بلا رجعة بل تسامح معهم ولم يقم بعملية فرز واضحة للوطنيين ولفظ أعدائه الحقيقيين.

صحيح أن لنا اتحادا قويا عريقا يدافع عن الشعب ولكن لا يخفى على أحد مدى انتهازية الكثير من قياداته وخدمتهم لمصالحهم الشخصية..

نعم هو الشعب المسؤول الأول والأخير عن وضعيته المتردية والاليمة. إنه الشعب من لم يقف وقفة حقيقية لان جلاده يواصل استحماره واستغباءه من جديد.

وما هذه الجولة الجديدة من التحركات والمظاهرات والستارات الحمراء وغيرها من التحركات التي يقع إشعال فتيلها انطلاقا من مناطق محرومة ومهمشة الا استحمار جديد لان من يحرك هذه التحركات ليس الشعب نفسه أو رجالاته بل الفاسدين أنفسهم يريدون تحقيق أهدافهم الخاصة عبر الشعب لان الصندوق لا يستطيع أن يوصلهم لدفة الحكم..

هي فقط معركة بين رئيس الدولة ذلك المسن المخضرم الذي لم يشبع حكما طيلة حياته فهو قد مر وحكم في ظل كل الحكومات منذ الاستقلال وهو يريد توريث ابنه الذي لا يصلح للسياسة وبين رئيس حكومة له طموحات وأطماع في الحكم بعدما أحس أن النهضة قد توصله للحكم كما أوصلت المرزوقي من قبل..

لا أحد يفكر فيك ايها الشعب الساذج .

انها مافيات الفساد من تحركك لحرق البلاد وقتل العباد لتحكمك بعد ذلك بيد من حديد انها بلدان أخرى إقليمية لا ترضى لك أن تعيش حر نفسك وتبغض ديمقراطيتك الناشئة والهشة مثل الامارات وفرنسا التي استعمرتك ومازالت ومصر التي نجح فيها الانقلاب العسكري فترسل لك جورج سوريس رجل الأعمال المصري ليبث سموم الفتنة بين ربوعك موهما إياك بانك عندما تثور وتسقط الحكومة ستجد الجنة بعد ذلك وأن الله سيهبك حكومة افلاطونية تحقق أمانيك..

كلا لن تحقق أمانيك إلا عندما تقف للفساد فتكنسه من جذوره وتطرد من يسرقك ويمتص دمائك وتقتص من أعداء الوطن المخربين أولي النقمة وتطرد كل تلك الأحزاب المظلة من نهضة ويسار ونداء وتنشئ أحزابا وطنية شبابية جديدة تعمل للوطن لا تبيع الاحلام والكلام .....

وعليك ايها الشعب أن تبدأ بنفسك فتحررها من البخل والكسل كما فعل الألمان بعد الحرب العالمية الثانية فتنكب على العمل ولا على غيره فتصنع ثروتك بيديك وتطرد صندوق النقد الدولي لاسترجاع سيادتك التي فيها كرامتك وتطرد الأوصياء على الدين وتطرد كارهي وناكري الدين وتطرد مافيات الفساد.

وتحشرهم في المعتقلات ..عندها فقط تسترجع كرامتك ولن تسمع بعدها بالإرهاب المصنع دوليا وسيحترمك العالم عندها ..وعندها فقط تصبح سيدا على وطنك بعدما أطردت أعداء الداخل والخارج... عندها فقط تكون ثرت على الواقع وثرت ضد النظام السائد لا ضد الحكومات....

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات