ليعلم الجميع كيف وصلت البلاد إلى هذا المستوى من الفساد و الانحلال يجب التذكير بأنه منذ سنة 1994 أي سنة قبل التوقيع على اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي تم تفكيك وزارة الاقتصاد الوطني التي كانت تضم كل القطاعات ذات الشأن منها الصناعة بما فيها الطاقة و المناجم و المؤسسات العمومية و الخاصة ومنها أيضا التجارة و هذه الاخيرة كانت في خدمة الصناعة الوطنية بالدرجة الاولى و كانت لها إدارة خاصة تسمى المرصد الوطني للتجارة الخارجية و الذي كان يتابع عن كثب تطورات الاسعار العالمية في كل الميادين و يتابع كل عملية تلاعب بالزيادة في فواتير التوريد لمجابهة عمليات تهريب رؤوس الاموال إلى الخارج و هذه الإدارة الهامة تم تجميدها منذ فصل وزارة التجارة لفسح المجال للفساد على مصراعيه و أصبحت بوابة الخراب و الفساد الذي أوصل اقتصاد البلاد للهاوية.
نُذكّر أنه بضغط من الاتحاد الاوروبي و صندوق النقد الدولي تم حل وزارة الاقتصاد تقريبا في سنة 1994وهي وزارة هامة و محورية و تعتبر سيادية لأنها كانت الرأس المُدبّر و المُسير تمتلك كل المعطيات لمتابعة كل المؤشرات و لمتابعة تطبيق المخططات التنموية الخماسية الوطنية و التي كانت تسطر المسيرة التنموية في البلاد بكفاءات وطنية بحتة.
اليوم أصبحت وزارة الصناعة تسيطر عليها جمعية ألمانية تابعة لمنظمة الأعراف الألمانية تسمى جي.أ.زاد" " GIZ" فُتح لها المجال من طرف كل الوزارء و خاصة عفيف شلبي ليصبح لها مكاتب رسمية في هذه الوزراة ثم تسربت إلى كل الوزارت الأخرى و تمكنت من كل الوثائق الرسمية في البلاد وهو عمل يرتقي إلى الخيانة العظمى.
بعد تفكيك وزارة الاقتصاد الوطني أصبحت وزارة التجارة وزارة ذات أولوية كبرى يتم على رأسها تسمية كل من عمل على التسويق لاتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوروبي و كانت تتم تسميته من طرف بروكسل مباشرة نذكر من اولهم صلاح الدين بن مبارك الذي سبق أن كان سفيرا في بروكسل و شارك في كل المفاوضات ثم عُيّن وزيرا للتجارة ليقوم بتنفيذ الاتفاق طبقا لمصالح الاتحاد الاوروبي و كذلك الشأن بالنسبة للطاهر صيود الذي مرّ بنفس المسار من سفير في بروكسل إلى وزارة التجارة ثم عُيّن عليها المنذر الزنايدي الذي كان يُصر على تنفيذ تعليمات الشريك الاوروبي و الذي امتنع منعا باتا عن تطبيق القوانين المصادق عليها من طرف المنظمة العالمية للتجارة و المتعلقة بحماية المؤسسات الصناعية التونسية منها القانون عدد 106 لسنة 1998 الخاص بمقاومة التوريد المكثف و القانون عدد 09 لسنة 1999 الخاص بمقاومة إغراق السوق التي تقوم بها الشركات الأوروبية.
هذه القوانين بقيت حبرا على ورق منذ تاريخ إصدارها. نتيجة هذا التصرف الغير وطني فقدت تونس 10آلاف مؤسسة صناعية وطنية نتج عن ذلك فقدان 400 ألف موطن شغل قار بشهادة المعهد الوطني للإحصاء و البنك الدولي و وكالة النهوض بالصناعة.
و السؤال المطروح اليوم لماذا الاستمرار في سياسة التفكيك من ذلك تم تفكيك وزارة الصناعة و إخراج قطاعي المناجم و الطاقة في وزارة جديدة في الوقت الذي كان يجب التقليص من الوزارات. الجواب هناك مشاريع كبرى للطاقات المتجددة يتم توزيعها اليوم وهي التي ذكرها مهدي جمعة عندما كان وزيرا للصناعة حينما سأله صحافي في تلفزة فرنسية "لقد استقبلت سفير فرنسا و معه مجموعة من رجال الاعمال الفرنسيين ثم استقبلت سفير ألمانيا و معه وفد ألماني كذلك لذا السيد مهدي جمعة كعكة الطاقات المتجددة لمن ستهدونها؟ فأجابه مهدي جمعة بكل وضوح "كل طرف سيتحصل على نصيبه و هناك أطراف أخرى ايضا ستنال نصيبها" .
الاستفراد بكعكة الطاقات المتجددة و المناجم الوطنية تمت عبر هذه الوزارة المخفية و قد نال حصته من هذه الكعكة حتى بعض الوجوه التي كانت مورطة في العهد السابق مع بلحسن الطرابلسي مباشرة و الذي تحصل على لزمة مهمة في قطاع الطاقات المتجددة بطريقة غريبة و عجيبة سواء بامتياز في مساحة أرض تعد بالهكتارات و بتمويلات مالية كبيرة و الحال أنه كان محل تتبعات بعد الثورة؟؟؟؟؟؟؟
لكن لماذا هذا الصمت إلى اليوم و الجميع يعلم هذا الموضوع. يبدو انها عملية تسويق لصورة يوسف الشاهد يريد من خلالها ترك بصمة أنه يقاوم في الفساد سواء بقي في رئاسة الحكومة أو تمت إقالته كما يبدو من موقف حركة النهضة. و هي إذا حركة سياسوية متعلقة باللهث وراء نيل السلطة في علاقة بالانتخابات القادمة في سنة 2019.
الرجاء متابعة هذا الفيديو الصادم إلى الآخر