لا أحتفل مطلقا بليلة رأس السّنة لأسباب تكاد تكون لا تُحصى .. و لا أهتمّ كثيرا بالمعايدات التي تحدث بهذه المناسبة إلّا بعض المجاملات اللطيفة من بعض الأصدقاء .
- أوّلا.. أنا لا أعرف ماذا يعني رأس العام و لا لماذا يحتفل به الناس ؟؟
- ثانيا .. لا أعرف تحديدا متى يبدأ العام و متى ينتهي فالأعوام ليست كائنات حقيقيّة إنّما هي فرضيّات و مصادرات يكاد وجودها يقع في منطقة وسطى بين الممكن و المستحيل و بالتّالي فأنتم تحتفلون بما ليس يقينيّ الوجود أو بالأحرى تحتفلون بكائنات هي أقرب للكائنات الرياضيّة ( كأن يحتفل أحدهم بالكائن الرياضي X أو Y ) .. ممّا يؤكّد لي ما شككتُ به مرارا أنّكم كائنات مجنونة و تمثّل خطرا متناميا على الوضع الإنساني .
- ثالثا .. لنتجاوز هذه المسألة و لنفترض أنّ العام و رأس العام كائنات حقيقية سواء بالمعنى الموضوعي أو الرمزي أو حتّى الميتافيزيقي .. فأنتم تحتفلون به مثلا لأنّ العام الماضي كان سعيدا أو لكي يكون العام القادم سعيدا ؟؟ طيّب لن أسألكم لماذا تفترضون السعادة في آحتفالكم فقد كان بالإمكان أن تحتفلوا مثلا أنّ العام الفارط كان حزينا و أنّكم غادرتم ذاك العام بأحزانه إذ يبدو لي غريبا أن يحتفل الإنسان بالسعادة التي مضت و لن تعود .. ؟؟
- رابعا .. لنتجاوز هذا كلّه .. و أسألكم عن مسائل تقنيّة مثل وجوب إحضار الدجاج و المرطّبات في الإحتفال : لماذا الدجاج و ليس لحم الغزال مثلا أو لحم الحمير أو حتّى لحم الديك الرومي مثلا ؟؟ و لماذا تلك المرطبات بالذات ؟؟ يعني هل ثمّة نبيّ سنّ ذلك منذ الأزمنة الغابرة أو قائد أو فيلسوف أو أحد المشاهير أم ماذا ؟؟ كيف أدركتم أنّ الاحتفال في هذا اليوم المجيد لا يحدث إلّا بتلك الطريقة ؟؟
- خامسا .. دعنا من هذا كلّه .. لكن يبدو أنّكم متّفقين تماما أنّ رأس العام يبدأ بذاك اليوم و أحيانا تقولون أنّه ذكرى المسيح أو أحيانا تقولون أنّها السنة الإدارية الجديدة .. طيّب يعني تحاولون إقناع أنفسكم أنّكم في غاية السّرور للدّورة الإدارية الجديدة .. أنّكم تُشيدون بالإدارة و تمجّدونها .. و ترفعون الأنخاب في صحّة الإدارات و المؤسسات .. ؟؟؟
- سادسا .. و ما دخلي بكلّ هذا ؟؟ .. لكن لو جاءكم رجل ما و قال أنّ العام الحقيقي هو الّذي يبدأ بذكرى الحبّ في حياتي أو ذكرى الإيمان أو ذكرى عثوري على المعنى أو هو يرتبط مثلا بذكرى تمرّدي على خرافة هذا الإحتفال نفسه بعيد رأس العام .. فماذا تُسمّون هذا الرّجل ؟؟
- سابعا .. أنتم لا تقدرون على تقديم أيّ جواب متناسق و منطقي و ذا دلالةٍ ما .. و بالتّالي أنتم تحتفلون باللامعقول خارج كلّ المعقولات .. و هو الأمر الوحيد المعقول في كلّ هذه المتاهة .
- ثامنا .. لا شأن لي بكم .. أنا لا أحتفل بالعام الّذي مضى و لا بالّذي سيأتي .. ببساطة أنا أكبُرُ أحيانا في العام الواحد خمس سنوات كاملة و أحيانا تمرّ عدّة سنوات و أنا متوقّف عن النموّ .. فثمّة قطيعة جدليّة عميقة بين نموّ الأجسام و نموّ الأرواح .. و يبدو لي أنّكم تحتفلون بالزّمن المادّي الرياضي و هو الزمن الّذي لا يسكنه الوعي بالزّمن .. في حين أنّي مشغول دوما بالزّمن الروحاني ذاك الّذي أسمع فيه خفقات أجنحة الحرية و تسيل منه دموع الوعي بعمق الخدود و الأحافير التي يتركها الزمن و هو يتقدّم صوب الأبد .. أي صوب اللّازمن .
- تاسعا .. أنا أرثي لحالكم .. أنتم مجانين لا تعلمون ما تعملون .. و إذا كان المجنون قد فارق العقل مُكرها فإنّكم تسفّهون العقل .. أي أنّكم مجانين بآختياركم .
- عاشرا .. في العام القادم سأطلق على العالم في مثل هذا اليوم عشر رصاصات أخرى .. إن شاء الله .