البعض ، بعد تمحيص وإعمال آلة عقله الثاقبة ، وبعد نظر ، اختار أن يصوّت ب " لا " قاطعة مانعة في يوم الاستفتاء العظيم . وهو ، لعمري ، اختيار ورأي محترم ... نختلف حول الاختيار، ولكن ودّنا مع هذا " البعض " لن ينقطع حبله مهما كانت مآلات " لائه الثاقبة " و " مهما صار " ..
أما أنا فسأصوّت ب " نعم " غليظة ومؤكدة ، وسأكتبها على ورقة الانتخاب بيد واثقة ، لا ناكصة أو مرتعشة !! . نعم .. سأُصَوِّتُ ب " نعم " .. لأننا شعب عظيم ، كما يقول أولاد أحمد في أردإ شعره ، ولأن هذه هي اللحظة الفارقة والحاسمة .. سأُصَوِّتُ ب " نعم " .. لأنّ " لا " في أعراف انتخاباتنا هي أيضا " نعم " ! .
سأُصَوِّتُ ب " نعم " .. لكل مهدي منتظر . سأُصَوِّتُ ب " نعم " .. لأنني تونسي ّ أصيل ، ولأنني من عائلة لم تصوّت منذ 1959 إلا ب " نعم " ولكن ، أو صريح ال " النعم " …
سأُصَوِّتُ ب " نعم " .. لأني أعشق لعق الأحذية ، وفاروق بوعسكر تفوح من اسمه رائحة البيادة والجزم .. سأُصَوِّتُ ب " نعم " .. لأني أعشق أن يكون صوتي هو سوطي ، في يد من يملك منّي كل الحياة والعدم . سأُصَوِّتُ ب " نعم " .. لأن " لا " لا توضع في الصناديق المصندقة على المقاس ، بل في هتافات الحناجر أو ، على اسفلت الشوارع ، في طَرْق القدَم.
سأُصَوِّتُ ب " نعم " .. من أجل البناء القاعدي ، وتغيير مجرى التاريخ ، وأهداف الثورة والكذا ، والبوعزيزي والكرامة والحرية ، وعمر بن الخطاب وبغلة العراق ، ودستور جدران الشوارع ، والعصفور الذي فرّ من القفص ، وحكايات الضب والتمرة وابن آوى وكل هاتيك الأغاني المسروقة بنشاز ايقاعها وبأخطاء النغم ..
ولكني أيضا ، وهو المهمّ والأهم .. سأُصَوِّتُ ب " نعم " .. فقط ، من باب الشماتة ، ونكاية فيكم يا أبناء الفعلة .. فحَتْمًا ، سيخترقكم خازوقه برغم التمجيد والتأليه ، وبرغم تطوّعكم للتسويق السياسي دونما انتظار جميل يُرَدُّ أو أجرة .. حتى الكلاب المدرّبة تصرخ بالنباح وتقول " لا " لسيّدها ، وأنتم ، تنكحكم الحكام منذ سبعين عاما .... ولا جلبة !! .
وما إن يعود إليكم حاكم بأمره ، بعد التجافي ، حتى تراودونه عن نفسه في كل ماخور إعلام ، وفي كل دار سيئة السُّمْعة والكتَبَة .. سأُصَوِّتُ ب " نعم " .. فلن تمتلئ الأرض عدلا ، إلا بعد امتلائها جُورا ومنافقين أو سفلة ..
تبّا لكم ، وتبّا ل" لائكم " مُبَيِّضَة الانقلابات الصريحة ، ولكل إمَّعَةٍ في السياسة ... يصفّق لكل سلطان بالمزامير واليدين والقدم .