هناك زاوية أخرى لفهم الواقع ومنها الانقلاب، تقول أننا بصدد معركة تخلف أحد طرفيها عن خوضها من بعد أن تصدى لها وجمع الانصار .
حينما كان أحد الطرفين وهو منظومة بقايا فرنسا يستعد للمعركة، إذ بالطرف الآخر يرتكس وينسحب ويترك الميدان ويتنادى و أنصاره لحفلات البكاء وطلب الرأفة وتأكيد ولاءه للواقع.
في هذه الحال يجب القول أنه ليس من حق النظر الموضوعي لوم المنتصر على انتصاره بل المتعارف عليه أن المنتصر يشكر وفي أقل الحالات يحترم.
و إنما علينا أن نلوم المنهزم كيف انهزم ولماذا اساسا لم يخض المعركة بل لماذا لم يعتبرها معركة والحال أننا أمام منظومة فرنسا.
اذن لامعنى للوم المغزاوي ورجيبة والرحوي أنهم انتصروا في مواجهة وهل جعلت المعارك إلا للانتصار، علينا بالمقابل أن نلوم المنكسرين الذين تعودوا الذل والخضوع فضيعوا كل شي و ضيعونا معهم.
علينا أن نلوم البكائين الذيم ما فلحوا في شيئ مثل فلاحهم في البكائيات طيلة حياتهم والتقرب من الواقع ورموزه، والحال أنه ما بنوا أمجادهم إلا على سردية تغيير الواقع المنحرف وهل كان المشروع الإسلامي مستمدا مشروعيته إلا من فساد الواقع وتحكم فرنسا فيه.
وتعتبر رسالة الغنوشي اليوم أبرز نموذج للبكائيات وهو يجرجر مهانا ذليلا كالمجرم للاستجواب من طرف منقلب ما كان له أن ينقلب أصلا لو كان الحال غير الحال، وما كان لانقلابه أن يتواصل لو كان الحال غير الحال، ولكن حق لقيس أن ينقلب و أن يسرف في انقلابه مادام الغنوشي والسابحون في منظومته الذهنية، هم المستأمنون على ثورة تونس.
وعلينا بعدها بل وقبلها أن نلوم عبدة الأصنام الذين جعلوا من رؤوس الانكسار قادة وزعماء وشيوخا، يجلونهم أكثر كلما زاد تفريطهم ثم ينافسونهم في البكاء كلما تذللوا اكثر لبقايا فرنسا.
مادمنا لا نعطي زاوية النظر هذه، قيمة، فابشروا بخراب تونس وانتظروا مزيدا من تبول كلاب فرنسا علينا من نقابات وحزيبات واعلام.