1 - الوقائع: أولها وأشدها وقعا هي اكتواء مجموعة إنسانية بأكملها بنار الحرب من الجنين والرضّيع إلى العجوز، نساءً ورجالا. وثانيها، "دولة" مغتصبة ومعتدية مستقوية بحلفائها. وثالثتها قوى فلسطينية مقاومة ومكافحة لفرض الحق في التحرر والكرامة والاستقلال، حق يستمر الكفاح من أجله منذ عقود طويلة منتقلا من شكل إلى آخر، ومن يد إلى أخرى، أما جوهره فواحد.
2 - مسرح الظل: لعبة القوي القومية والإقليمية والدولية، والمرامي الاستراتيجية البعيدة، حيث تتحرك أيضا الأنظمة والأحزاب والمجموعات المسلحة في مجموع الشرق الأوسط، وحيث يختلط الحابل بالنابل، والخصم بالخصم، والعدو بعدو "صديق"، وحليف استراتيجي في الباطن يُقَدَّم على أنه عدو لدود في الظاهر.
يحصل كل ذلك من وراء خط التباين الذي ترسمه الأقوال والخطابات، فتتباعد تلك القوي بشتى أنواعها في بعض النقاط وقد تلتقي في نقطة واحدة ولكنها نقطة حاسمة، كلّ منها يتوسل إلى أهدافه بالصديق وبالعدو على حد سواء. هذا ما يلزم فهمه جيّدا.
وفيما بين الوقائع والظلال يعود مشروع الشرق الأوسط الجديد برمزه المرئي وهو حاملات الطائرات الأمريكية، وقد يبرز أكثر عندما تضع الحرب أوزارها في سياق عالم ينزع إلى تعدد الأقطاب. ولعل عامة الناس لا يدركون ما وار الظلال، فيقيمون علاقات أوتوماتيكية خاطئة بين الأشباح والوقائع الحية الخام في غزة التي هي وحدها الحقيقة الإنسانية المريرة والدامغة.
3- أظن رؤيتي صائبة في جوهرها، أي من حيث التركيب العام؛ ولكنها تقريبية من حيث بعض العوامل المتغيرة التي يصعب توقعها، وخاصة في لبنان. فلننتظر "ظهور المهدي" يوم الجمعة، فعنده الخبر اليقين.
فحتى ولو أن ما لديه من تبريرات للانخراط الكامل مع المقاومة الفلسطينية أكثر مما لديه من تبريرات الحذر والإحجام، فإنه في كلتا الحالتين يراهن بمستقبله، بل وحتى بوجوده.
فإلى أي البديليْن سينحاز السيد سماحة "أمير مكيافيلي"، وهو في حيرة بين موازين قوى تفرض نفسها وقرار حاسم يغير موازين القوى عند نقطة الرجحان والمَيَلان في ميزان أرخميدس. ومهما سيكون خياره فإنه سيكون لعبته الحاسمة: إما الأخيرة، وإما فتحا لأفق جديد!