كنت ياسادة قد نجحت في السيزيام " من الضربة الأولى"، وسجّلت في معهد القصور "بياتا" تحت الرقم 104، وأصبحت حديث القاصي والداني في قريتي الصغيرة وما جاورها، وسرعان ما سالت "ريقتي" وأنا أراقب الغيد الملاح من أبناء المدينة وهن يجاورنني في القسم وفي قاعة الطعام وفي الفصل وفي الساحة!
انها المرة الأولى التي أجالس فيها هذه الكائنات الرقيقة النظيفة التي تتعطر بعطر حقيقي وليس "بالقوارص" الرخيصة، ولا أشتمّ منها رائحة الأبقار والخرفان كما هو الشأن بالنسبة إلى فتيات القرية!!
وقد انقلبت حياتي رأسا على عقب يوم ألزمني أستاذ العربية أن أجلس بجانب ن.خ. التي كانت بحق زينة فتيات المعهد، فلقد كانت جميلة بشكل لافت بشعر ناعم وقامة هيفاء، وأسنان بيضاء ناصعة، اكتشفت فيما بعد أن سبب بياضها يعود لمركب سحري اسمه "الدونتفريز" لم نسمع بوجوده في ريفنا البائس.
وأشهد أنني دُخت بمجرد جلوسي بجانبها، دوّخني عطرها النفاذ وكلمات الترحيب التي أغدقتها علي بدون حساب لدرجة حرّكت فيّ مشاعر غريبة راحت تتضخم وتتمدد يوما بعد يوم!!
وعندما أخبرت صديقي الشاعر الكبير سالم المساهلي المتواجد في صفحتي الآن بالامر، طالبني بكل لطف أن أنظر في المرآة قبل إطلاق العنان لخيالي وأحلامي!!
وعندما نظرت إلى وجهي في مرآة "التواليت" صرختُ فزعا: لقد كانت آثار " الشّلاَطْ " واضحة تماما كما أن ندوبا صغيرة وبقايا جروح لم تشف وبقعا داكنة جعلت من وجهي مُنفرا بشكل مخجل، دعك من شَعري المجعد الذي لم تكن تنفع فيه إلاّ "القرداش" أو مشط من الصلب لتسريحه، وأنا لا أسرّحه بطبعي إلا في العيدين!!
أُسْقط في يدي وشعرتُ بإحباط شديد، لكنّني قرّرتُ أن أكسب قلب ن. خ. أو أموت دونه..