في غياب التلفزة والانترنيت في الستينات بالخصوص، كان الوالد والوالدة يشعلان الكانون منذ المغرب ويضعان فوقه البراد،و" يعمّران " الڤازة ، وندخل جميعا تحت العبانة فوق السدّة ،ويتبادل الوالدان أحاديث مختلفة تخص الأرض و مختلف الشؤون اليومية وكنا نحن الأطفال، إما ننجز تماريننا أو نطالع ،أو نصغي لأحاديث والديْنا، وكان من النادر أن نسهر وحدنا ففي أغلب الأحيان كان الجيران والاقارب يشاركوننا سهرتنا، وكانوا يزوروننا مصحوبين بأبنائهم ذكورا وإناثا ،وكم كنت أشعر بالسعادة عندما تزورنا أم نعيمة ومعها نعيمة!
كنا ننخرط قي العاب بريئة وغير بريئة ، فكنت أجري وراءها فتختبئ في الظلام خارج البيت ، وعندما أقبض عليها أقرصها من كتفها فتخرج أمها فزعة على صوت صياحها بنت الحرام:
- يمة اطيب ڤرصني.
وتخرج هنية بالشلاكة وتسألها:
- ڤرصك أكاهو؟راني نعرفو بعمايلو !
وتأخذها أمها صحبة الوالدة إلى مكان قصي في البيت لتكشف عن مكان الڤرصة، وأستغل أنا الفرصة لأسترق النظر إلى جسدها، فتنهرني الوالدة.
- احشم يا طفل، نعيمة كيف اختك!
ولكن نعيمة لم تكن أختي،كانت جارتي وقريبتي!
وكانت ،الله لا تربّحها، تغريني بأن ألمسها أو أقرصها، ثم تشتكيني فورا لهنية وهي تصرخ وتخمش وجهها ، فتضربني هنية بقسوة ، ثم يضربني أبي، وتضربني أمها،
ويلعنني كبار الدوار وصغاره!
وبمجرد أن تهدأ العاصفة،تعود نعيمة للعب معي وكأنّ شيئا لم يكن
وأصرخ في وجهها بحنق:
-برّا ابعدني، في جرتك كليت أربع طرايح !
ولكن نعيمة تعرف كيف تنسيني الطرايح والتبهذيل ودعاء الشرّ، فأندفع نحوها من جديد وأقرصها، وتعود هي للصراخ والنديب:
- اجري يا خالتي هنية، الطيب ولدك ، عاود ڤرصني !
ويعود الجميع لضربي وشتمي…
والله لا تربحك يا نعيمة!
ملاحظة: مراعاة لمن هم دون الأربعين ، قمت بصنصرة طوعية لهذا النص.