تعددت في السنوات الماضية بتونس القنوات التلفزية والإذاعات الخاصة بعد سنوات عديدة من سطوة نظام الحكم النوفمبري وقبله البورقيبي على المشهد الإعلامي بتونس. استبشر التونسيون هذا التنوع و الفسيفاء الإعلامي اعتقادا منهم أن تعدد مصادر المعلومة ظاهرة صحية، ستزيد في تدعيم مرتكزات الانتقال السياسي و الديمقراطي الذي عرفه خطوات أولى برحيل منظومة الاستبداد.
إلا أن بمرور الأيام والسنوات، تحولت نعمة الحرية إلى نقمة، فقد تحولات أغلب القنوات الخاصة إلى مصب فضلات ومرتع الجهل والتخلف، تسّيد اللقطاء من كل حدب وصوب الشاشة، وأصبحت أجندتهم واضحة، ضرب الهوية الوطنية وبث سموم الرداءة والقبح من جهة وتلميع صورة الفاسدين ومافيات المال من جهة أخرى.
غاب المثقفين والمبدعين وحضر بدلهم الراقصون والمهرجون، وأصبح كل فقيه يدلو بدوله في قضايا رأي عام وفي قضايا ذات أطروحات عميقة وحساسة لما فيها من أهمية لمصلحة البلاد والعباد.
ما حصل ليس بحالة شاذة، فالصيد في الماء العكر لعبتهم المفضلة وتظليل الحقيقة وتسويق السواد والقتامة مهمتهم الأولى وخدمة أعرافهم وأسيادهم دورهم الأساسي البعيد عن دورهم الإعلامي.
المهنية غائبة، والحرفية مفقودة وكشف مستورهم الفاضح هو النتيجة التي الحاصلة بالأخير ففي زمن الحروب لمكان للتخوين والبحث عن الربح الخاص فكل الرايات تنكس وتعلي إلا راية واحدة راية الوطن الشامخة….