يظهر أن تصويت تونس مع روسيا في مجلس الامن في موضوع التمديد لولاية بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في الصَّحراء الغربيَّة و تأجيل الاستفتاء تحت إشراف الاُمم المتَّحدة تم بناء على تقديرات شخصية وغير عقلانية لا علاقة لها بالدولة والمصلحة الوطنية وبعيدة جدا عن فهم العلاقات والتوازنات وفهم الملفات . هذا التصويت يدل ان موقف الحياد الايجابي الذي تتبعه رسميا الدولة التونسية منذ عشرات السنين دخل في منطق الضياع والتيهان .
تصويت المندوب التونسي المتردد والغريب والتواري عن الانظار مباشرة ورفض التعليق دليل أن الموقف التونسي لم ينسق مع بقية الشركاء العرب ولا مبررات له خاصة أن تونس ستفقد عضويتها نهاية هذه السنة وتجد نفسها مرة اخرى معزولة بعد الكارثة الديبلوماسية في ملف سد النهضة.
تقديري أن الموقف "التونسي" جاء كرد فعل على شطب مجلس الشيوخ الامريكي لحصة تونس من الموازنة الاولية لسنة 2022 والتي تقدر بحوالي 240 مليون دولار سنويا ثلثيها يذهب للمؤسسة العسكرية في انتظار التأكد من حقيقة الدور الذي قام به الجيش التونسي في عملية "التحايل على الدستور" كما يوصفها الكنغرس الذي تعود اليه مسالة اقرار الموازنة النهائية.
مجلس الشيوخ الزم أيضا الادارة بضرورة تقديم تقرير مفصل عن دور الجيش في ما وقع يوم 25/7 اذا ما رغبت ادارة البيت الابيض في مواصلة دعم تونس ومؤسستها العسكرية.
فمشروع القرار السَّنوي الَّذي قدّمته الولايات المُتَّحدة الأمريكيَّة حاز على 13 صوتا منها صوت النيجر التي تمثل ايضا المجموعة الافريقية ووجدت تونس نفسها معزولة مع روسيا التي لها مصالحها في مواجهة الولايات المتحدة.
بهذا التصويت يتبين مرة اخرى بأن سفينة البلاد تتقاذفها الامواج والاهواء الشخصية التي تصر على مواصلة السير دون تحديد الوجهة وبدون زاد ولا رجال مهرة قادرين على تصويب البوصلة مجددا فعلا الوضع اصبح في غاية الصعوبة ويحتاج لمعالجة سريعة تحترم المؤسسات والتمشي الديمقراطي .