بالعودة لمشروع قانون "حماية الامنيين" وما سيمثله من متاعب للدولة وللديبلوماسية التونسية في حال اقراره. بالأمس واليوم تحدثت مع عدد من ممثلي المجتمع المدني وبعض الاحزاب والنقابات في جينيف من أجل تنسيق المواقف بخصوص الاتفاق على اليات مواجهة تصريحات الرئيس الفرنسي ماكرون التي أهان فيها الدين الاسلامي والمسلمين عبر العالم – وتم الاتفاق على تفعيل التحالف الذي كان فعال في الدفاع عن العدالة وحقوق الناس على مدى سنين طويلة – .
المفارقة أن البعض من السياسيين السويسريين والنشطاء يتابع ما يجري من سجال في تونس وبخاصة حول قانون حماية الامنيين وما يمثله من اعتداء صريح على معايير حقوق الانسان ومفاهيم وأسس العدالة الدولية. من الواضح والجلي أن هذا القانون في حال اقراره في صيغته الحالية سيكون مدمر لكل الانجازات الديمقراطية التي يعترف الجميع بها على مستوى العالم.
فقط للتذكير فان منظومة بن علي كانت تحرص على صياغة قوانين تتماشى والمقاييس والمعايير الدولية وسعت الى الموافقة على جل الاتفاقيات التي تحمي الحقوق والحريات ولكن الممارسات الفعلية المنتهكة لحقوق الناس هي التي كانت تسبب المتاعب لنظام بن على.
هذا القانون في حال أقر يمثل ضربة موجعة ومؤلمة للعدالة وحقوق الناس وستكون سابقة في التاريخ المعاصر وهو أن برلمانا منتخبا ديمقراطيا أقر قوانين تعارض جوهر العدالة وتميز بين الناس والفئات بقوانين.
أحذر مجددا من خطورة الموافقة على هذا القانون لأنه سيسبب بلا أدنى شك مصاعب كبرى لبلادنا وديبلوماسيتنا اثناء المراجعات الدورية للملفات أمام الهيئات الاممية المختلفة ولا أعتقد أن بلادنا مستعدة للخروج من هذه الاتفاقات والانضمام لنادي الدول المارقة مثل "اسرائيل" التي ترفض الانضمام لهذه المعاهدات الدولية مخافة المحاسبة.
كما أن اقرار القانون سيقضي بالكامل على أمل ارجاع جزء من الاموال المنهوبة بالخارج وسيضر بكل المبادرات التي تعمل عليها ديبلوماسيتنا وبلادنا باعتبارها دولة ديمقراطية فتية وناشئة ويجب التعامل معها على هذا الأساس.
أدعو العقلاء من النواب والوطنيين من أبناء المؤسسة الامنية والقوات الحاملة للسلاح للتخلي عن البنود التي تعارض العدالة وتميز بين أبناء الشعب وتزيد من تعميق الفجوة بين الشعب ورجال الامن. مطلوب من البرلمان المسارعة بإقرار المحكمة الدستورية وقانون الانتخابات بما يضمن حياة سياسية راقية وكذلك اقرار قوانين اضافية تخدم الأمنيين دون المساس بالعدالة وحقوق المواطنين.