ما ضرّ لو…

Photo

ما ضرّ لو ساهم الشعب الكريم في صنع رخاءه بدل التشنيع على الحكومة و محاسبتها ؟ ما ضرّ لو ساعدنا الحكومة على توفير الاعتمادات اللازمة لانجاز المشاريع الكبرى التي وعدت بها ؟ لن يكلّفنا الأمرفي الواقع كثيرا حسب النظريّة البريكيّة المستوحاة من المالتوسيانية المتوحشة... اذ يكفي لتحقيق ذلك ان ندعو المتقاعدين بكل لطف ان يموتوا...وهم أكرم من أن يزاحمونا في كبرهم بعد أن زاحمناهم في صغرنا. أيستكثرون علينا أن ننعم لوحدنا بحصيلة شقاءهم مدة ثلاثين سنة أو أكثر ؟

كلا ورب النقابات المدافعة عن حقوق الشغالين..فالموت راحة للمحارب وللصناديق الاجتماعية..و لتحقيق أقصى درجات النجاعة يمكن أن يستصدر وزير الشؤون الجنائزية أمرا بإعدام كل من طال مرضه وانقطع الرجاء من شفاءه..والأرامل اللاتي أتممن الرضاعة يخيّرن بين استئصال الرحم او الالتزام بعدم الزواج. و يلتزم سكان افريقية في دعاءهم لبعضهم بعضا بعدم تعطيل عمل ملك الموت واجتناب الدعاء بطول العمر رأفة بالصناديق الاجتماعية و بأموال الصناديق الاجتماعية.

أذا قال عبيد فكذّبوه…. فعين الكفر ما قال البريكي..

ان ما يمكن ان يلام عليه جهبذ عصره ومفخرة علماء الاقتصاد هو تواضعه الكبير الذي جعله يكتفي بالوقوف عند انصاف الحلول..و الرأي عندي و عنده طبعا هو تقنين العمل الاجباري للأطفال حتى ينشأ أطفالنا على قيمة التكافل فيدفعوا ثمن ما يستهلكه أجدادهم..فعلا قد يكون طول شيخوخة المتقاعدين سبب افلاس الصناديق الاجتماعية..كما قد تكون الشيخوخة الفكرية لدى صناع القرار عندنا السبب الحقيقي..فليس الافلاس بالضرورة نقصا في الاموال و انما هو شحّ في الافكار وانقطاع عن الواقع.. ثم ما ضرّ كذلك لو ساعدنا الحكومة ببعض التفهم الذي لن يضرنا في شيء..؟

انك يا مواطن قادر حتما على مراعاة مشاعر الحكومة التي تبني هيبتها على طاعة العامة للقانون وازدراء الخاصة له..وليس للأمر علاقة بانعدام العدالة , معاذ الله..انما ذلك لانشغال الحكومات بتفقير العامة التي تمثل السواد الأعظم حتى لم يبق لها وقت لممارسة هيبتها على الخاصة..لماذا لا تفهم يا مواطن ان العدالة لا تتحقق إلا بامتثال الفقير الى القانون وتعالي الغني عنه..فما ينهبه الغني هو استثمار و ما يملكه او يستغله الفقير يعتبر اعتداءا على الذات الحكومية..

ألم يأتك حديث جمنة و ما أتاه القوم الضالون هناك من فساد في الأرض باستصلاحهم لها و توفيرهم للشغل و حرصهم على المصلحة العامة و تطويرهم للبنية التحتية و توفيرهم للمرافق التي لم توفرها الدولة ؟ ماذا تركوا للصوص الدولة كي ينهبوه ؟ من أين تطعم الدولة ذئابها اذا كثر الأخيار ولم يتركوا للفساد سبيلا ؟

لا يهم ان كانت الدولة سوف تطلق الذئاب وسط القطيع ..فما للدولة هو ملك للدولة و ما يملكه المواطن قابل للنقاش..بهذا المنطق عمّرت امريكا أراضي الهنود الحمر التي لا نفع لهم فيها غير ملايين الأطنان من المواد المنجمية التي لا قيمة لها و بنت لهم مكانها بيوتا عصرية يتباهون بها امام القردة.. ما ضرّ لو شجعنا الحكومة على التمادي في تطبيق سياسة التداين التي أثبتت نجاعتها في كل البلدان التي اختارتها نموذجا لتجويع شعوبها و رهن مستقبلها..؟

فوزر الدين لن يتحمله سوى طبقة المسحوقين التي اثبتت قدرتها على التكيف مع اصعب الأوضاع..ولن يضرّها ان تتحمل المزيد دعما لبارونات الفساد الذين تضرروا كثيرا و باتوا يخشون انتقاص ثرواتهم و انعدام فرص جديدة للاثراء غير المشروع..ليست الوطنية شعارات و هتافات..بل هي رضا بالقرارات الموجعة التي تضطرّ الدولة على الالتجاء اليها..والمسحوقون لا تعوزهم الوطنية..دعوا تكديس الاموال للحكومة و لضباعها و يكفيكم فخرا ان تجوعوا و تعروا فداءا للوطن… و لسرّاق الوطن..

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات