أيا كانت شراسة المعركة الايديولوحية والحزبية بين الخصوم السياسيين بتونس فالعقلاء فقط هم من يتقيدون بضوابط وطنية لا يتجاوزونها في هيجانهم السياسي واندفاعهم المزاجي والعاطفي:
- محكمة التعقيب بدوائرها المجتمعة حسمت في اختصاص القضاء العدلي دون القضاء العسكري في قضايا التآمر على أمن الدولة اذا كان المتهمون مدنيين.
- رئيس الدولة صفة مدنية وليست صفة عسكرية حتى ان كان هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، فمنحه هذه الصفة من الدستور هي لتأكيد رمزية ان يكون على رأس القوات المسلحة شخص مدني منتخب من الشعب وليس عسكريا. لان الصفات العسكرية لا تمنح هبة ولا منة ولا تشريفا، بل هو تتويج لمسار مهني من التكوين العسكري يناله الضباط السامون ولا يناله المدنيون.
- يخيل الي أنّ بعض النخب الفكرية وبعض العاطفيين يعدلون بوصلة مواقفهم بحسب ما يرونه من مواقف خصومهم ان قالوا ابيض قالوا هم اسود ... هذا هو نموذج المجتمع المتهاوي والمتخلّف... الحق قيمة نعليها مهما كان الطرف الواقف فيها معنا.
- مواصلة الانغماس في مسار عبثي وجدال مقرف حول معركة تنازع الاختصاصات ما كان له ان يتمادى لو تجندت النخب الفكرية بصدق لتحمل مسؤوليتها الوطنية والثقافية وصاحت بصوت واحد That's Enough كفى كفى عبثا.
أيعقل ان يتواصل هذا الخلاف المختلق اختلاقا ونعرض عن حل مشكلات الدولة الاقتصادية والاجتماعية والصحية؟
- التوازن في الصلاحيات بين مؤسسات الدولة ولاسيما الأمنية والعسكرية منها هو صمام الأمان للمجتمع وضمان للشعب كي لا يحتكر السلطة من يسومه سوء العذاب وحصانة للمجتمع من ان يتحول القانون الى أداة طيّعة بيد مؤسسة طاغية تطغى باسم القانون ووفق إجراءاته.
- ما من نظام سياسي مثالي، والشعوب الواعية هي التي تكون في حركية متواصلة لتطوير تشريعاتها ونظمها السياسية وفق اجراءات دستورية واضحة وبعد طرح للمقترحات امام الشعب، وتمكين كل طرف من التنافس في حملة انتخابية لشرح برامجه ومقترحاته التشريعية، وليكن الشعب فيصلا لاختيار ما يشاء ... أما الفوضى والكلام المشفّر، والطلاسم، والوجوه العابسة والمكفهرّة، والمشيطنة لكل من يخالفها الرأي والساعية لفرض الامر الواقع والدفع لمواجهة خطيرة بين مؤسسات الدولة وبين مكونات المجتمع فهذه أبعد ما يكون عن الوعي بخطوة المرحلة.
ما ضرّ مؤسسة رئاسة الدولة لو تقدمت بمشاريع قوانين؟ ألم يقل السيد رئيس الجمهورية منذ أشهر عديدة ان لديه مشاريع قوانين جاهزة؟ أين هي؟ هل قدم مشروعا واحدا فقط؟ ولو رفضه البرلمان، فليتحمل مسؤوليته امام الشعب مثلما قال ذلك السيد الرئيس نفسه ذات مرة!؟ أليس للرئيس آلية العرض على الاستفتاء الشعبي؟ فليحتكم للشعب بدل هذه السياسة المعطلة لكل دواليب الدولة والمدمرة لتونس سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
- هل توجد بتونس نخب سياسية قادرة على ان تعي الخطورة فتؤجل صراعاتها العدائية الى حين تجاوز كارثة الكورونا؟