اطلعت كغيري من التونسيين باستغراب شديد على خبر احالة طبيبة بمؤسسة استشفائية بصفاقس على مجلس التأديب بتهمة خرقها لواجب التحفظ، على خلفية نشرها صورا مقرفة للحالة المتردية التي عليها بعض مرافق المؤسسة الاستشفائية.
وجه الغرابة أن شعار "واجب التحفظ" كغيره من الشعارات التي يساء فهمها. نشر صور لضعف البنية التحتية أو تآكل المرافق أو ضعفها بمؤسسة عمومية ليس خرقا لواجب التحفظ، لأنها لا تدخل في خانة سرية التفاهمات او المفاوضات أو الاجتماعات التي تعقدها الادارة العمومية عبر موظفيها ورؤسائها، ولا تدخل في خانة تضارب المصالح بالنسبة الى الموظف العمومي، ولا تدخل في خانة فض نزاعات قانونية بين الادارة وبين أحد منظوريها المباشرين أو السابقين…
ففي كل هذه المجالات يكون واجب التحفظ مهما ونافذا للحفاظ على مصالح الادارة في تصرفاتها مع الغير، فالإدارة بصفتها شخصا اعتباريا معنويا تصان حقوقها ومصالحها عبر يقظة ممثليها الاداريين الذين يلتزمون بعدم كشف مضمون النقاشات او آليات التعامل مع بعض الاشكاليات الاجرائية او القانونية، الا فيما استثناه القانون صراحة من جواز لرفع السر المعني في بعض الصور الخاصة جدا.
أما انتقاد مظاهر مضرة بالذوق العام أو بقواعد الصحة وحفظ المحيط او بقواعد السلامة المهنية والتوقي من المخاطر، فإن ذلك يدخل في صميم واجب اليقظة والحيطة المناط بعهدة كل مواطن واع ومثقف وغيور على بلده، ولجم افواه الموظفين ومنعهم من كشف تلك النقائص والتنديد بها، بتعلة واجب التحفظ، هو وجه من أوجه الفساد المساهم في تدمير وظيفة الادارة وتعطيل المرفق العمومي الذي تسيره تلك الادارة.