اكتمال المشهد الاستبدادي.. بعودة الاعتقالات السياسية

Photo

عندما استحضر الشعب رئيسا من أقبية الاستقلال ونفض عنه غبار النسيان، رئيس همّه الأول والأخير التمتع بالنوم فوق فراش بورقيبة وارتداء بيجامته، هل كان مدركا أنه سيستجلب معه كل أدوات التحكم المنتشرة في بدايات القرن الماضي وكل أبعادها التسلطيّة؟

هذه الأدوات والممارسات تواترت تجلّياتها ومظاهرها المهدّدة للمسار الديمقراطي في الآونة الأخيرة. ومن أهمها التضييقات التي عادت -مع عودة الحرس القديم- لتلاحق المدوّنين المؤمنين بأن ثورة حصلت في هذه الربوع، وهرسلتهم أمنيّا لترهيبهم وترهيب غيرهم. الهرسلة طالت حتى بعض قياديي الأحزاب المعارضة في بادرة خطيرة تنذر بعودة تسخير أدوات الدولة لفائدة الحزب الحاكم.

موضوع الحال هو الناشط والقيادي المحلّي للتيار الديمقراطي في معتمدية الزريبة من ولاية زغوان ياسين العلاقي والذي يقبع الآن في زنزانة، جُرمه الوحيد أنه كان يفضح عبر تدويناته كل التجاوزات الحاصلة في المعتمديّة، المعتمدة والتي لازالت تصرّ على الخلط المتعمد بين الدولة والحزب طلبت منه في عديد المرات عن طريق "زوار الليل" التوقف عن نشر تدويناته الفاضحة لمظاهر الفساد والتقاعس، لكّنه لم يستجب لتهديداتها وأبى أن يتراجع،

هنا استنجدت بفتوّات حزبها بالزريبة، لتنفيذ وعيدها، وفعلا اعتدوا على ياسين بالضرب (والصور توثق الاعتداء) وبنفس الأسلوب النوفمبري القديم، في نفس الوقت تقدّم المعتمدة شكاية بياسين تتهمه فيها بمحاولة الاعتداء عليها واختلقت شهود زور دفعهم الخوف من مصير مماثل لياسين من الإذعان لطلباتها، زبانيتها في نفس الوقت ضغطت على والد ياسين لتسجيل اعتذار يدين ابنه، لُفقت أوراق القضيّة على عجل. وزجّ بــ"ياسين" في السجن دون سماعه لا من باحث البداية، ولا من دائرة التحقيق، ولا حتى من القاضي وحكم عليه 4 أشهر سجن بالنفاذ العاجل.

بعد النطق بالحكم تراجع بعض الشهود عن شهادتهم وأقرّوا أنهم قالو ذلك تحت تهديد الخوف وقاموا بتحرير ذلك كتابيا، ثم توالت الأخبار المريبة.. فلما أرادت عائلته استئناف الحكم اختفى الملف، ثم ظهر فجأة عندما ذهب والده لوكيل الجمهورية والقصد كان واضحا في تعطيل وتأخير موعد جلسة الاستئناف، هنا تبيّن أن الحكم الذي صدر كان بسجنه بـ 8 أشهر على عكس المنطوق أوّلا.

يوم الإثنين القادم 13 نوفمبر ستكون جلسة الاستئناف في قضيّة ياسين بوعلاق الملفقة، حيث سيكون مرفق القضاء في امتحان جديد يثبت من خلاله مدى استقلاليته الحقيقة عن السلطة التنفيذية بجناحيها، الرئاسي.. والرئاسي بالوكالة، رغم أن الصورة التي تتداولها المواقع حيث يتذيّل القضاة رئيس الدولة في إفتتاح السنة القضائية على الطريقة النوفمبريّة لا تنبؤ بتعافيه من هذه التبعيّة.

متى ينتقل قضاء التعليمات.. إلى سلطة ثالثة حقيقيّة؟

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات