عقوبة الإعدام في الميزان…

Photo

الجرائم البشعة لا حدود لها، وكل جريمة بشعة يمكن أن تفوقها جريمة أخرى أكثر منها فظاعة، بينما لا تتجاوز أقصى العقوبات حكم الإعدام...وهذه المعادلة المختلة، في كل الحالات، تقوّض لوحدها منطق العدالة (البعدية غير المتصلة بجذور الجريمة وتربتها) الذي تستند إليه بعض الآراء الدموية "لقبض روح" المجرم عوض الاكتفاء بسلب مطلق لحريته مدى الحياة، ويا لها من "حياة" من دون حرية ولا حتى أمل فيها…

الجرائم البشعة لا تبرر ما يتفوه به البعض ممن يحاولون أن يتقمصوا بشاعة المجرم ويقتصّوا منه جسديا...القانون والقضاء بالنسبة إلى الدول الحديثة الملتزمة بمنظومة حقوق الإنسان لا يثيرهما ما يحرك الفرد والعائلة والقبيلة من غرائز الانتقام والثأر ولا يحتكمان إلى فلسفة العقاب القديمة التي كانت متمحورة حول التعذيب الجسدي…

أما خرافة العبرة والاعتبار، وقصة الشنق أو قطع الرؤوس (وسواها من الأعضاء) في الساحات العامة سواء بالمقصلة أو بالسيف أو بالرصاص، فلم يثبت أبدا أنها قطعت دابر الجريمة البشعة أو غيرها…

أكثر من نصف دول العالم ألغت عقوبة الإعدام بالنسبة إلى كل الجرائم، ونسبة الإجرام في هذه الدول ليست أكبر مما هي عليه في البلدان التي ما زالت تحكم بالإعدام... بل إن أكثر البلدان أمانا والأقل إجراما، لحرصها على احترام الكرامة البشرية وتوفير العدالة الاجتماعية قبل العدالة القضائية وهي البلدان الإسكندنافية، قد ألغت عقوبة الإعدام منذ عقود عديدة، وحتى سجونها القليلة ليست مكتظة مثل السجون و"عنابر الموت" بالأقطار التي تتصدر اليوم القائمة السوداء في العالم من حيث عدد أحكام الإعدام…

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات