تطورات خطيرة طرأت على الشجار الذي يدور منذ عدة اشهر بين مليشيات الفساد المالي التي تتناحر على قصر قرطاج، فبعد أن مر الصراع الى مرحلة حرجة وشهدت اروقة الدولة عدة عمليات قنص طوال الأسبوع الفارط، وصل الامر الى أوضاع دراماتيكية منذرة حين خرج الاقتتال عن السيطرة بعد ان تمكنت الدولة من إيقاف رجل كوزا نوسترا القوي، لتقوم تونس في صباحها على معارك شوارع، استعملت فيها أطراف النزاع اللافتات الحية.. لقد تمكن ساتيمو مينيو من نقل المعارك الى المدن والقرى، فعل اللئيم ذلك انطلاقا من سجنه.
إذا صحت اللافتة ولم تكن من الموضوعات، فإننا بصدد حالة توسع رهيب للتواجد البرلسكوني في تونس، فاللافتة التي نصبت ليست ملصقات يضعها الطلبة والنشطاء في جنح الليل يستعملونها كرأس حربة في نزالهم مع الدكتاتورية، بعد أن جردتهم دولة القمع من كل الأسلحة المدنية ولم يعد بحوزتهم غير الحبر والورق، تلك اللافتات وقبل ان ترى النور في الشوارع تكون قد مرت بمؤسسات اقرتها وسمحت بنشرها،
وهذا يعني ان الولد البرلسكوني استعمل المؤسسات الخاصة وربما العامة في نقل لافتات الالغام الى الشوارع.. "كنا نستنوا في فرانسا من قدام جتنا ايطاليا منتالي"، وعلينا أن نعي جيدا الفرق بين المنهج الدوڨي"ديغول" والمنهج الموسي "موسوليني"،
فأولاد فرنسا عادة ما يستعملون عقلية المستعمر الغاشم المتكبر، أما أولاد ايطاليا فيستعملون عقلية المافيا حين تجمع بين التكسب بالدم والانتقام بالدم، من غير حلول الدم يملك اولاد المستعمر الكثير من الحلول الخبيثة لكن اولاد المافيا لا يملكون غير حلول الدم وعادة ما يشترطون الغزارة، إنهم لا يتوسطون في الأمر، مباشرة يحولون خصومهم وربما شعبهم الى مفتي ديار الفاتيكان.
لقد استعمل سيلفيو برلسكوني مؤسسات الدولة الايطالية لتحميه من الدولة الإيطالية، ويعتبر هذا السياسي المثير للجدل احد اكثر الشخصيات السياسية في تاريخ إيطاليا قدرة على الإفلات من القانون باستعمال دولة القانون، أفلت من عشرات القضايا الخاصة بالتهرب الضريبي، قدرت بالمليارات، ثم افلت من علاقات متشعبة مع المافيا كانت كفيلة بإرسال زعماء العالم وراء الشمس، ثم خرج من قضية القاصر المغربية بلا خدوش تذكر، ثم وبعد كل ذلك عبّر عن نيته العودة الى حكم إيطاليا!!!
نحن ايضا في تونس لدينا "جرو" صغير من الفصيلة البرلسكونية، ينمو في تونس بشكل سريع ويحاول تفعيل قدراته المافيوزية لإيجاد مؤسسات دولة ترعاه وتتعهده و ربما تتبناه.
ستخوض تونس معاركها على جبهتين، جبهة الوكيل الاستعماري الفرنسي الذي تغذيه آبار النفط في الدويلة الخبيثة، وجبهة الوكيل المافيوزي الذي يسنده ثعلب ميلانو او زئبق إيطاليا الذي ينفذ من قانون روما كما ينفذ كمال من قانون تونس.. ان الملوك وجراء برلسكوني وخميس قسيلة اذا دخلوا الحياة السياسية افسدوها وجعلوا اعزة اهلها أذلة.. وكذلك يفعلون.