الكلفة الاجتماعية لقانون المالية التعديلي لسنة 2021 قد تكون عالية، فهذا القانون فيه الكثير من المخاطرة المالية التي قد تؤدي الى اللجوء مجددا الى التمويل المباشر للبنك المركزي (طبع الأوراق المالية) والى تداعيات تضخمية كبيرة.
سجلت ميزانية الدولة التكميلية مقارنة بالميزانية الأصلية ارتفاعا للنفقات ب 4 مليار دينار مقابل ارتفاع للموارد الذاتية ب 1.3 مليار، وهو ما خلق عجزا إضافيا ب 2.7 مليار دينار.
هذا الارتفاع في نفقات الدولة نتج أساسا عن ارتفاع مبلغ الدعم الموجه للمحروقات ب 2.9 مليار دينار بعد الارتفاع المتواصل للأسعار العالمية للنفط الى ما فوق 80 دولار للبرميل ونفقات التسيير ب 300 مليون دينار.
أما الموارد الذاتية للدولة فقد فاقت ما هو مرصود في ميزانية الدولة الأصلية ب 1.3 مليار دينار ناتجة أساسا عن ارتفاع الموارد الجبائية (1 مليار دينار) والموارد غير الجبائية (600 مليون دينار).
ولم تبرمج الحكومة التونسية لما تبقى من هذه السنة خروجا على الأسواق المالية الدولية بعد استحالة ذلك بمبلغ 6.5 مليار دينار كانت مبرمجة في قانون المالية الأصلي، علاوة على توقف أغلب قروض دعم ميزانية الدولة بمبلغ يقارب 2 مليار دينار بعد التدابير الاستثنائية وعدم الوضوح الذي ميّز الساحة السياسية وتراجع التصنيف السيادي لتونس الى المنطقة الخطرة، وهو ما أحدث ثغرة مالية هامة تقدّر ب 8.5 مليار دينار وجب سدها لتحقيق التوازن في ميزانية الدولة التعديلية لسنة 2021.
ومن قروض دعم الميزانية التي توقفت : (أ) قرض البنك الألماني للإئتمان وإعادة التنمية (KFW) وهو بمبلغ 1.2 مليار دينار ولم تصرف منه الدولة التونسية إلا 700 مليون دينار، (ب) قرض الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD) وهو بمبلغ 900 مليون دينار، صرفت منه تونس 500 مليون دينار، (ت) قرض من صندوق النقد الدولي في إطار البرنامج وهو بمبلغ 800 مليون دينار، لم تصرف منه تونس إلا النصف، (ث) قرض من الجزائر ب 400 مليون دينار وقرض من الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (JICA) ب 300 مليون دينار كانا مبرمجين في قانون المالية الأصلي ولم تتحصل منه تونس ولو مليما واحدا.
وأمام هذه المصاعب المالية في تعبئة الموارد الخارجية والمقدّرة ب 8.5 مليار دينار كاملة (6.5 مليار دينار عبر الخروج على السوق المالية العالمية و2 مليار دينار لاستكمال الحصول على جملة القروض المقدرة في قانون المالية الأصلي لدعم الميزانية)، لجأت الحكومة التونسية، في إطار قانون المالية التعديلي، الى الترفيع في مبلغ الاقتراض الداخلي ب 2.5 مليار دينار (1 مليار دينار قرض وطني، 800 مليون دينار رقاع خزينة 52 أسبوع، قرض داخلي بالعملة 400 مليون دينار ورقاع الخزينة القابلة للتنظير 300 مليون دينار) مقابل التخفيض في الاقتراض الخارجي ب 900 مليون دينار والاعتماد على مصادر أخرى لتعبئة الموارد الخارجية، وهي مصادر غير مضمونة ومرتبطة بتطور الوضع السياسي في تونس :
(أ) مخصصات حقوق الدعم من صندوق النقد الدولي بمبلغ 2.1 مليار دينار،
(ب) قرض إضافي من البنك العالمي بمبلغ 900 مليون دينار ومن البنك الافريقي للتنمية بمبلغ 500 مليون دينار ومن صندوق النقد العربي بمبلغ 200 مليون دينار،
(ت) قرض إضافي من الاتحاد الأوروبي بمبلغ 900 مليون دينار،
(ث) قرض إضافي بمبلغ 2.8 مليار دينار في إطار التعاون الثنائي مع دول لم تحدد الحكومة التونسية هويتها، وهو ما يطرح عديد التساؤلات حول قدرة الحكومة على تعبئة هذا المبلغ الضخم في إطار التعاون الثنائي.
وإن كان الحصول على حقوق السحب من صندوق النقد الدولي من شبه الحاصل، فلن يكون سهلا الحصول على المبلغ المتبقي وهو مبلغ هام يقدّر ب 6.5 مليار دينار فعدم الحصول على هذا المبلغ أو جزء منه قد يدفع الحكومة الى اللجوء مجددا للاقتراض من البنك المركزي على حساب القطاع الخاص والمجموعة الوطنية والتي ستتحمل تبعات ذلك من تداعيات تضخمية كبيرة.