أنا لم أكن أنتظر ما نشره الزرقوني لأعرف أنّ ائتلاف الكرامة يتقدّم، ويكتسح القلوب والعقول، ولست ممّن يفرحون لنتائج ينشرها الزرقوني أو يغترّون بها، لأنّني أبقى دائما على رأيي أنّها أداة سياسية موجّهة يتمّ توظيفها لتشكيل المشهد وهندسة التوازنات داخل البلاد.
يحتجّ البعض بأنّ نتائجها كانت دقيقة في مختلف المراحل الانتخابيّة، ويخلصون بعد ذلك إلى إمكانية الوثوق بها.
رأيي هو التّالي:
سبريّات الزرقوني جعلت أساسا لخلق الظّواهر السياسية وتكريسها كأمر واقع، عبر توجيه الرّأي العامّ لمدّة طويلة وخلق حقائق معيّنة.
الزرقوني يدرج من يشاء من الأحزاب والشخصيات ضمن عمليات السّبر، ويخرج من رحمته من يشاء، يتصرّف في توقيتات إخراج النّتائج بالشّكل الّذي يخدم أجندات الأطراف التي تدفع، فيغيّب ركائز وقيم ثابتة وينفخ في أسماء هامشية بلا أيّ وزن حتّى يجعلها حقائق قائمة.
نتذكّر كيف وضع حزب نداء تونس في مقدّمة الاستطلاعات حتّى قبل الإعلان عن تأسيسه، وفعل نفس الشّي مع حزب الشّاهد وحزب القروي، وفي كلّ مرّة كان يقدّم خدماته لتكريس هذا الطّرف أو ذاك.
عندما تأتي الانتخابات ويتمّ الإعلان عن النتائج يقول البعض هذا ما كان يتوقّعه الزرقوني، ولكنّ الحقيقة أنّه خلق تلك الحقيقة على مدى عام أو عامين أو أكثر وجاءت تلك النّتيجة لتحقّق الهدف الّذي رسمه منذ البداية وسعى إليه بطريقة علميّة ودعائية يجب أن نعترف بأنّها تنجح دائما في الدّيموقراطيات الهشّة التي يسهل توجيهها والتلاعب فيها بالرّأي العامّ.
لا علاقة للأمر بالدّفاع عن النّهضة، فالزرقوني وإن ظنّ البعض أنّه اليوم ينصف ائتلاف الكرامة بوضعه في مقدّمة القوى الصّاعدة، نعرف جيّدا أنّه غدا سيعود لضربه وفق أجندة أخرى تخدم أهدافا تتلاءم مع تلك المرحلة.