من الواضح أن ما نعيشه اليوم هو الموجة الحقيقية لوباء الكورونا فقد أصبحنا نحصي الاصابات بالآلاف والموتى بالمئات علما بأن العدد الحقيقي للمصابين يتجاوز بكثير ما تعلنه وزارة الصحة اعتبارا لضعف عدد التحاليل وغياب الشفافية في الاحصائيات التي تنشرها الوزارة.
فكيف تعاملت السلطة مع جائحة الكورونا؟
بدون تجن أو مبالغة يمكن القول بأن حكومة الفخفاخ القوية والعادلة استثمرت في الوباء على حساب صحة المواطنين وحياتهم فنحن الى اليوم لا نعرف مصير الهبات من الداخل (صندوق 18/18) والخارج والقروض بعنوان مكافحة الكورونا ويبدو أنه تم تحويل وجهتها لترقيع الميزانية.
رغم ضعف عدد الاصابات والوفيات في المرحلة الأولى تم فرض حجر صحي شامل وغلق الحدود لمدة تناهز الشهرين وغلق المؤسسات التربوية لمدة 6 أشهر ولم تقف الحكومة حينها الى جانب المتضررين الحقيقيين خلافا لما تم التسويق له.
ونزولا عند رغبة أصحاب النزل تم فتح الحدود فلم يأت السياح بالعدد المأمول وتوافد التونسيون القاطنون في الخارج فتفشى الوباء بسبب التهاون في اخضاع الجميع للحجر الصحي الاجباري.
ومن الملفت أن وزارتي التربية والتعليم العالي لم تستغلا فترة تعليق الدروس لتحسين البنية التحتية المتردية وهو نفس الأمر بالنسبة للمحاكم فكانت العودة المدرسية والقضائية كارثية وأصبحت المؤسسات التربوية والمحاكم بؤرا للكورونا اذ لا شئ تغير وبقي ما يسمى بالبروتوكولات الصحية مجرد كلام نسمع به في وسائل الاعلام على لسان مختلف المسؤولين دون أن نراه تقريبا على أرض الواقع أما عن وسائل النقل العمومي فحدث ولا حرج.
وفي ظل هذا الوباء تميزت الحكومة القوية والعادلة بتسويق الأكاذيب فاتضح عندما تفشى الوباء وأصبح يشكل خطرا حقيقيا على صحة وحياة المواطنين أن الأموال المرصودة مبدئيا لمجابهة الكورونا (هبات وقروض) لم يصرف منها شيئ تقريبا لذلك الغرض بل استفقنا على انهيار منظومة الصحة العمومية المنهارة أصلا (نقص في التجهيزات وفي الموارد البشرية من اطارات طبية وشبه طبية .....).
أما الحكومة الحالية المستقلة جدا فهي غير مكترثة لخطورة الوضع الوبائي شعارها في ذلك (يا مواطن خض معركتك لوحدك مع الفيروس ومن عاش عاش ومن مات مات ) وما يزيد من خطورة الوضع الوبائي أن الاصابات والوفيات لحقت بالاطار الطبي وشبه الطبي بسبب نقص وحتى غياب وسائل الوقاية لديهم خلافا لما يسوق له وزير الصحة .
ولا غرابة في ذلك فحكومة الادارة لا يمكن أن يكون لها أي تصور أو استراتيجيا لمجابهة الوباء وحماية صحة المواطنين وحياتهم زد على ذلك أن كل هم رئيس الحكومة (وهو لم يكن يوما يحلم بهذا المنصب لولا غباء ساكن قرطاج وحساباته الضيقة ) هو الحفاظ على موقعه والبحث عن مستقبل سياسي وما الزيادة في أجور الولاة مؤخرا وتكثيف الاتصالات بالكتل البرلمانية والأحزاب الا تأكيد لهذا التوجه أما القرارات ألاخيرة من حظر الجولان ليلا بسياسة القطرة قطرة والعمل بنظام الأفواج في الوظيفة العمومية ومنع استعمال الكراسي في المقاهي والمطاعم فهي ليست الا لذر الرماد في العيون زد على ما ستلحقه تلك القرارات من تداعيات خطيرة طالما لم ولن تصاحبها اجراءات اجتماعية.
اذن يجد الشعب نفسه اليوم وحيدا في مواجهة هذا الوباء والماسكون بالسلطة بكل أطيافهم منشغلون بحرب المواقع أما الاتحاد فقد أصبح صوته خافتا ولا لوم عليه في ذلك فالطبوبي يخوض اليوم أم المعارك ألا وهي معركة التمديد.
الحكومة الحالية مثلها مثل حكومة الفخفاخ تخضع فقط للوبيات المال (تم مؤخرا تأجيل خلاص قروض القطاع السياحي الى موفى سبتمبر 2021) وللمستثمرين في الوباء من مصحات ومخابر تحاليل خاصة ولأصحاب معامل الكمامات والحال أن كل الدول وان بنسب متفاوتة اتخذت ونفذت اجراءات عاجلة وضخت الأموال لمجابهة الكورونا وفي تونس لم يقع حتى توفير الكمامات مجانا بالنسبة لضعاف الحال وبأسعار معقولة بالنسبة للبقية بل تم اقرار خطية ب 60 د لمن لا يحملها.
ولا يفوتني هنا الحديث بأنه وخلافا لما يعتقده البعض فالعلم غير محايد وفعلا فقد تولى أطباء البلاط تبرير اجراءات الحكومة وتحميل كل مسؤولية تفشي الوباء على المواطن والحال أن جل المواطنين وخاصة المعدمين منهم وجدوا أنفسهم بين خيار الموت جوعا أو الموت بالكورونا فاستوى لديهم الحال فهم أصلا لا حياة لهم.
رجاء لا ترددوا خطاب الحكومة بأن البلاد فقيرة والامكانيات منعدمة وهنا أذكركم فقط بأنه ونزولا عند أوامر FMI بتعلة تشجيع الكفاءات خاصة تلك القادمة من الخارج (؟؟؟؟) كانت حكومة الفخفاخ تعد لمرسوم يحدد طريقة تأجير الرؤساء المديرين العامين في القطاع العام وتواصل الحكومة الحالية العمل على ذلك علما بأن البداية كانت مع مديري البنوك العمومية بترفيع أجورهم الشهرية الى .......خمسين ألف دينار دون الامتيازات العينية هذا الى جانب أنه لا يجوز تحميل المواطن مسؤولية الفساد الذي أدى الى انهيار الوضع المالي والاقتصادي للبلاد.
واهم من يعتقد أنه لا خيار للحكومة المسكينة الا التضحية بصحة وحياة المواطن لانقاذ الاقتصاد فعندما تصبح الاصابات بمئات الآلاف والأموات بالآلاف من سينهض بالاقتصاد اللهم الا اذا كانت الحكومة عازمة على القضاء على الفقراء والمعدمين وجيش العاطلين عن العمل عوض القضاء على الفقر وخلق فرص الشغل.
في الأخير فالحلول موجودة للحد من تداعيات الوباء ولكن يستحيل على عصابات معادية للشعب مجرد التفكير في تسخير المصحات والمخابر الخاصة ومصانع الأدوية والقيام بانتدابات فورية للإطارات الطبية وشبه الطبية وضخ الأموال لمساعدة المتضررين حقيقة من الوباء بل على عكس ذلك ها أنهم يعدون الى تقنين دولة البوليس ولكن مهما فعلوا فاذا ما زاد الوباء انتشارا وتعددت الوفيات وتضاعف جيش العاطلين عن العمل واحتد الجوع والفقر فلا قوة قادرة على الوقوف في وجه الشعب وهذه المرة لن تكون ياسمينا ولا فلا ولا ورودا.