أتابع منذ مدة حملات التشويه ضد اعتصام الكامور وغلق الفانة حملات بلغت حد اتهام المعتصمين بغياب الحس الوطني وحتى بالعمالة علما بأن هذا التحرك جاء نتيجة تخاذل الدولة عن تنفيذ اتفاق أبرمته حكومة يوسف الشاهد مع تنسيقية الكامور بحضور وامضاء المنظمة الشغيلة وبعض مكونات المجتمع المدني بالجهة منذ أكثر من 3 سنوات.
المعتصمون لا ينضوون عموما تحت يافطة الأحزاب ولا الاتحاد العام التونسي للشغل وبذلك لا أحد يتبنى قضيتهم وحراكهم اللهم مناسباتيا بغاية التوظيف وهم واعون بذلك ويرفضون هذا التوظيف ولا يعولون الا على قدرتهم على الصمود.
أليست مفارقة غريبة أن تكون الجهة غنية (كالعديد من الجهات الداخلية) ويعيش سكانها الفقر والبطالة مع غياب أدنى مقومات الحياة الكريمة خاصة أن الوضع في ليبيا زاد في تعكير أوضاعهم؟ فالمناطق الغنية لم تجن أية فائدة من ثرواتها عدا الأمراض (قفصة - قابس ...... ) والدولة لا تعتبرها الا مصدرا للثروة التي تتقاسمها مع الشركات الأجنبية دون اعتماد توزيع عادل لها.
وها أن الحكومات المتعاقبة عجزت أو بالأحرى تغيب عنها الارادة السياسية في معالجة عميقة وحقيقية للفقر والبطالة وكان بالإمكان التفكير لا فقط في التشغيل في شركات البترول بل في خلق أو المساعدة على خلق منوال تنموي جديد عبر مشاريع ذات طاقة تشغيلية عالية تمتص عددا هاما من العاطلين عن العمل ودون ذلك فستبقى الكامور كغيرها من الجهات الداخلية قنابل موقوتة قابلة للانفجار في كل لحظة وفي وجه الجميع.
لمن يشوهون معتصمي الكامور هل أن الاستماتة في الدفاع عن الحق في التوزيع العادل للثروات وعن سيادة الدولة عليها وعن الحق في الشغل يعتبر عمالة وغيابا للحس الوطني؟ ثم هل أن الشعب (وخاصة سكان المناطق الغنية) استفاد من هذه الثروات؟
قناعتي راسخة بأن من حق بل من واجب معتصمي الكامور كغيرهم الاستماتة في الدفاع عن حقوقهم وأولها حقهم على الدولة في تنفيذ ما تعهدت به كتابة وقد تخلى عنهم الجميع تقريبا وهم يرون الفساد يستشري في البلاد والمال العام ينهب والاثرياء الجدد يزدادون ثراء وكبار المهربين يتحكمون في مفاصل الدولة وفي اقتصاد البلاد.
من يشوهون معتصمي الكامور بتعلة أنه يهدد استقرار البلاد يفكرون بنفس منطق السلطة ويتحدثون عن وعي أو دون وعي عن استقرار مزيف ويبحثون في الحقيقة عن مصالحهم الذاتية فحسب اذ لا مجال لاستقرار حقيقي لا يتمتع فيه كل المواطنين بحقوقهم وبثروات بلادهم التي تنهب أمام أعينهم منذ عقود.
وأخيرا كنت ولا زلت وسأظل الى جانب الطبقات المسحوقة وأساند كل تحرك من أجل نيل حقوقها المشروعة.