التنظم في حزب أو جمعية أو نقابة يسمى في علم الاجتماع البشري أشكال تنظم طوعي أدرك بموجبها الفرد أنه عاجز عن تغيير واقعه بمفرده أو على حساب المجتمع الأسبق وجودا عليه. أشكال تنظم طوعي تعاقدية تختلف جذريا عن أشكال الانتظام العضوي الغرائزية كالقبيلة والطائفة التي ينتصر فيها الفرد إلى جماعته ظالمة أو مظلومة ويذوب فيها الفرد ويفقد صوته بل عمره إلى الأبد إذا ما حنف بعيدا عن ثرثرة "كذاب ربيعة خير من صادق مضر" لذلك عُدّت الصعلكة شرفا وعُدّ الصابئون والأحناف مشاريع أنبياء ضيّعهم قومهم.
في الحزب أو الجمعية أو النقابة نكون مواطنين لا مريدين. ويكون النقد فضيلة أخلاقية لا تمردا وصعلكة نقابله بالأفراد والعزل والتشويه والاغتيال المعنوي فنحن ساعتها نكون قد انحرفنا بتنظّماتنا الطوعية وحولناها إلى قبائل وطوائف تنتصر لكذاب ربيعة على صادق مضر.
مريع أن تنهال سهام الغدر والتشويه اثخانا في الطعن لكل من يقول هذا مش معقول. ليس لهذا اجتمعنا والتزمنا وتعاهدنا.
لن أنسى يوما ما قاله لي أحد رفاق الأمل والألم "كلامك صحيح يا أخ الأمين لكن لو نعتمده موقفا رسميا ينفلق الحزب ونحن معنيون بوحدة الحزب على حساب سلامة الموقف".
يا سلام!!!
ساعتها يطرح سؤال الأخلاق (المرجع الأعلى من كل التزام): متى يكون التمرد هو السلوك المتوجب؟ ساعة يتحول الاجماع إلى تضليل يكون التمرد هو الحقيقة.
وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ..... (البقرة : 155))
"فَإِنِّي جِئْتُ لأُفَرِّقَ الإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ، وَالابْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا…. أتظنون اني جئت لأعطي سلاما على الأرض كلا أقول لكم بل انقساما…" (أحد الأناجيل).
السياسيون والنقابيون ونشطاء الجمعيات بشر وليس مطلوبا منهم أن يكونوا ملائكة. لكن التواطؤ صمتا أو مشاركة في الانحراف عما التقينا حوله والتزمنا به وتعاهدنا أن نحتكم إليه عند الاختلاف يكون خيانة جماعية ويكون التمرد أعلى درجات الالتزام الأخلاقي.
أنك تسب التجمعيين وتفوقهم سرعة في الانحراف/الصمت/التواطؤ. معناه أنك أفظع منهم… لا أستثني حزبا حتى لا تختطف التدوينة. شكرا لعشر كاشفات فاضحات. والأكرمون من من يصرخون: هذا مش معقول!!!
لا تنصدموا في ما تحمله الساعات القادمة. بل حبوا تونس أكثر ولا تندموا أنكم ثرتم ذات ديسمبر، بل تذكروا أنكم ثرتم لها لا عليها خرجتم لأجلها لا عليها.