موضوع استرجاع الموجودات المهربة إلى الخارج هو موضوع فني قانوني من ناحية وسياسي دبلوماسي من جهة أخرى.
يتطلب استرجاع الموجودات القيام بإجراءات قضائية في البلدان التي توجد بها الأموال مع ما تستوجبه من طعون حسب القانون المحلي. وهذه الإجراءات لا يمكن القيام بها إلا من قبل محامين محليين باعتبار أن قوانين جل البلدان لا تسمح للأجانب بالترافع أمام محاكمها.
تم إحداث لجنة استرجاع الموجودات المهربة إلى الخارج بموجب مرسوم و لكن اللجنة تم تشكيلها فعليا وباشرت أعمالها بعد ذلك بعدة أشهر. بداية من جوان 2012 تم بعث لجنة تحت اشراف رئاسة الجمهورية دورها متابعة الملف ودعمه سياسيا ودبلوماسيا .
بدأ مسار استرجاع الأموال متعثرا بسبب نقص المعطيات والمعلومات المتعلقة بالأموال والأشخاص ونقص الخبرة القانونية في تحرير مطالب التعاون القضائي ومشاكل الترجمة وغيرها، ثم تحسنت الأمور تدريجيا.
تولت اللجنة التعاقد مع المحامي السويسري "انريكو مونفريني" وهو أول مكتب محاماة ينجح في إرجاع أموال إلى بلد متضرر وهو ملف ساني أباشا رئيس نيجيريا السابق.
تم اختيار هذا المحامي بعد تحرير شروط مرجعية ونشر إعلان تقدمت على إثره ثمانية مكاتب محاماة بعروض وكان عرضه هو الأفضل من الناحيتين الفنية والمالية. ويتم خلاص أتعاب المحامي من هبة قدمتها آلية إفريقية يتصرف فيها البنك الإفريقي للتنمية. والمحامي مطالب بتقديم نتائج أعماله بصفة دورية وتستوجب أعماله أيضا لقاءات دورية مع أعضاء مكتبه في تونس أو سويسرا.
يتم اختيار المحامين المكلفين بمتابعة الإجراءات في بلدان أخرى بالتنسيق والتشاور بين اللجنة الوطنية لاسترجاع الأموال والمحامي مونفريني.
هناك بلدان قدمت وعودا بتسليم الأموال بسرعة لكن في ما بعد تعطلت الإجراءات وبدت مؤشرات على عدم جدية الوعود كما ظهرت عراقيل بسبب شروط لا تنص عليها قوانين تلك البلدان .
أكثر البلدان تعاونا هي سويسرا والإجراءات كانت تسير فيها بنسق طيب ووقعت عدة لقاءات بين الطرفين بما في ذلك القضاة المكلفين بالملفات في تونس وسويسرا ويتوقع استرجاع مبالغ هامة اذا تم التفاعل بجدية أكبر .
بالمقابل تميز التعامل الفرنسي في فترة حكم ساركوزي بالتلكؤ الواضح. فقد وقع توجيه إنابات عدلية إلى فرنسا ووقع تجاهلها و تحسن الوضع هولاند من الناحية السياسية ولكن تبقى الإجراءات القضائية يشوبها البطء .
أقل البلدان تعاونا هي بعض بلدان الخليج العربي . وتتميز هذه البلدان بعدم وضوح المسالك وأهمية التدخلات السياسية. كما أن وجود الأشخاص المطلوب تسليمهم بهذه البلدان يجعل الأمر أكثر عسرا. وبالنسبة لقطر فقد سبق لها أن وافت الطرف التونسي بمشروع اتفاقية لتبادل المعلومات بين لجنتي التحاليل المالية في البلدين وقد أمضى محافظ للبنك المركزي التونسي على مشروع الاتفاقية ,واعتقد أنه وجب العمل على اكمال بنود المشروع النهائي.
في كل البلدان، يجيز القانون للأشخاص المعنيين بالأمر ممارسة الطعون ضد الأحكام والقرارات الإدارية التي تصدر وهو ما يعطل عملية الاسترداد بدرجات متفاوتة.
أهمية سويسرا في هذه العملية لا تكمن في المبالغ الموجودة في بعض الحسابات البنكية بل في المعلومات التي يتوقع الحصول عليها لتعقب الأموال التي مرت عبر سويسرا إلى بلدان أخرى.