الخلاف بين القوى السياسية الفائزة في الانتخابات حول تشكيل الحكومة هو خلاف ذاتي وانتهازي في تقديري لأنه ليس خلافا حول برامج أو توجهات عامة بقدر ما هو خلاف حول مكاسب مفترضة لهذا الحزب أو ذاك…
كنا نتمنى أن نسمع خلافات حول قضايا تتعلق ببرامج مطروحة للنقاش ورؤية كل حزب منها مثل حل مشكلة المديونية والعجز التجاري وتدهور الدينار والتنمية الجهوية والعدالة الجبائية والبطالة وتوزيع الثروة ومقاومة التهرب الضريبي وتدهور المقدرة الشرائية لعموم فئات الشعب التونسي…
كنا نتمنى أن نرى رفض هذا الحزب أو ذاك عدم المشاركة في الحكومة لأن برنامج الحكومة المزمع تشكيلها لا يتضمن هذه النقطة أو ذاك مثل الموقف من التطبيع مع الكيان الصهيوني أو إرجاع العلاقات مع سوريا وغيرها من قضايا السياسة الخارجية…
كل هذا لا وجود له في خلافات الأحزاب وما نسمعه وما نراه هي خلافات ذاتية تترك الجوهر وتحوم حول القشور… فما معنى مثلا أن يقترح هذا الحزب أو ذاك أن يكون رئيس الحكومة من خارج النهضة دون تحديد البرنامج الواجب التقيد به؟ وما معنى أن يشترط هذا الحزب أو ذاك أن يكون رئيس الحكومة شخصية مستقلة وكفاءة عالية في مجال الاقتصاد؟! وكأن رئيس الحكومة سيقدم دروسا أكاديمية في علم الاقتصاد وينجز أطروحات ودراسات في العلوم السياسية!!
رئيس الحكومة يا سادة هو عون تنفيذ لبرنامج يقع الاتفاق بشأنه مسبقا وهو ملزم بتطبيقه بنجاح وهذا لا يحتاج دراية بعلوم الاقتصاد والتكنولوجيا بل يحتاج إرادة سياسية قوية وصادقة…