علاقات زوجية مرضية أم هوس مبدعين

Photo

وقعت منذ يومين مصادفة على سيرة حياة فريدا خالو، (أو كاهلو)، وزوجها الرسام المكسيكي الشهير دييغو ريفيرا باللغة الهولندية. وكنت قد قرأت في السابق مقتطفات متفرقة منها بالعربية منشورة في مواقع إلكترونية ومجلات، ولفتت انتباهي علاقتها الغريبة بزوجها، وما اتسمت به حياتهما من فرادة وتطرف.

كانت فريدا خالو تنوي أن تصبح طبيبة، لكنها تعرضت لحادث مرور أقعدها عن المشي وكسر أجزاء من عظامها فقررت أن تصبح رسامة، بعد أن لم يكن أمامها شيء تفعله سوى الاستلقاء في الفراش لأشهر طويلة.

غير أن فريدا خالو تصف حياتها على نحو غريب؛ فقد كتبت ذات مرة أن حياتها كانت جيدة لولا حادثين تعرضت لهما: “حادث الحافلة، وحادث لقائها بزوجها دييغو”.

اللافت في حياة فريدا خالو، الرسامة الأشهر في تاريخ المكسيك، هو أنها رغم حبها الكبير لزوجها، وتمسكها به لدرجة الهوس والجنون حتى أنها كانت ترسم وجهه على جبينها ووجهها في لوحاتها المعروفة، إلا أنها تصف لقاءها به بالحادث الذي لم يكن أقل خطورة وتأثيرا على حياتها من حادث الحافلة.

كان دييغو ريفيرا يحب النساء ويتسلى برفقتهن، ولم يكن حبه الشديد لزوجته يثنيه عن ربط علاقات غرامية متعددة وملاحقة النساء، وهو ما آلم فريدا كثيرا وسبب لها مشقة رافقتها طوال حياتها، وانتهت بطلبها الطلاق منه، قبل أن تقرر العودة إليه مجددا في وقت لاحق.

حاولت فريدا أن تنتقم من زوجها بربط علاقات مشابهة، إلا أن ذلك لم يضع حدا بينها وبين الألم الذي سببته لها علاقات زوجها الغرامية. ورغم علمه بمعاناتها إلا أن دييغو ريفيرا لم يتوقف عن إيذائها وكان يردد “كلما أحببت امرأة آذيتها، وكلما زاد حبي لها آذيتها أكثر”.

للوهلة الأولى يبدو هذا النوع من العلاقات الزوجية كما لو أنه مرضي، وربما هو كذلك فعلا، وهو منتشر بين الكتاب والمبدعين والفنانين، فحياة فريدا خالو تشبه إلى حد كبير حياة الشاعرة الأميركية سيلفيا بلاث وزوجها الشاعر الاإنكليزي تيد هيوز. فقد عانت سيلفيا بلاث، كما عانت فريدا خالو من خيانة الزوج، رغم وجود حب كبير وقوي بين الزوجين، وإن كانت الأمور تبدو في ذلك الوقت نوعا من الشطحات النفسية المقبولة والتطرف المستحب للمبدعين والمشاهير، إلا أن علم النفس الحديث ينظر إلى هذا الأمر بجدية وحسم كبيرين، وإجابته عن سؤال: لماذا يؤلم طرف في العلاقة الطرف الثاني بقصد ومتعة؟

هي أن الطرف المؤذي يعاني من خلل في الشخصية نابع من شعوره باللذة والمتعة في استضعاف وإهانة الطرف الآخر، نفسيا أو حتى ماديا، من خلال ضرب وتعنيف وإهانة الشريك، قد تعود جذوره إلى مرحلة الطفولة.

وقد أظهر تقرير لمنظمة دولية منذ فترة قصيرة أرقاما صادمة لعلاقات زوجية مسممة في تونس وغيرها من الدول العربية، وهو ما شكل صدمة حقيقية لمنظمات الدفاع عن المرأة، التي لم تتخيل حجم المأساة داخل البيوت العربية.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات