مريم بوجوتو، رئيسة أحد أقسام الإتحاد الوطني لطلبة فرنسا في باريس ، حدث عابر في الأصل ولكن لأن مريم محجبة تحول انتخابها إلى قضية وطنية، اختلف حولها الفرنسيون بين مؤيد ومعارض.
هذا الحدث العابر وضع اللاوعي الفرنسي على الطاولة، كل المخزون العدائي والعنصري ظهر على السطح في أبشع صوره.
من المفارقات أن الفرنسيين متعودون على ترديد اسم مريم بل متعودون على رؤية صورة ليست مختلفة كثيرا عن الصورة التي يشاهدونها دائما في كنائسهم ودور عبادتهم. لماذا هذا العداء لمريم وخاصة من أولئك الذين جعلوا من حرية المرأة قيمتهم العليا؟
المسألة تتجاوز الحجاج العقلي بل العقل يجد نفسه عاجزا عن تفسير مثل هذه العدائية للمرأة التي أوصلها صندوق الإنتخاب إلى الموقع التي هي فيه. لم يتقبل جزء من الفرنسيين أن تخرج لهم مريم من دائرة الطقوس إلى دائرة الشأن العام وكانوا قد ظنوا أن حدود الفضاءات قد حسمت وإلى الأبد. ومما جعلهم عاجزين حتى عن توضيح ردات فعلهم المتشنجة أن عودة مريم إلى الشأن العام جاءت تحت لافتة إسلامية.
لسان حالهم يقول أبعد كل هذه المسيرة الطويلة من سردية التحرر ننتهي إلى انتخاب فتاة محجبة؟ وأين ؟ في وسط الشباب الجامعي الذي على يديه ستتشكل صورة المستقبل.
وأنا أكتب هذه الأسطر حضرت أمامي قصة سعاد عبدالرحيم و موقف بعض الحداثيين منها وتخبطهم في ردات فعلهم. مشكلة العقل تتأتى أحيانا من عدم قدرته على مناقشة مسلماته العقلية فينطلق في أشكال هوجائية من ردات الفعل تظهر عجزه أكثر ما تبدي قوته.
بين الصورة الكاريكاتورية الساخرة التي نشرتها تشارلي ابدو لمريم والقول بأن سعاد آفاقية وليست من أصول بلدية خيط رفيع يعكس شكلا من أشكال الإفلاس القيمي والأخلاقي ولكنه في نفس الوقت يعكس أزمة حقيقية لأنموذج معرفي لم يعد قادرا على استيعاب منتجات الحرية التي تتأسس عليها.