في البداية،اعتقدنا ان في الأمر خطأ(وسأروي لكم الحكاية! ). لكن تبين بعد ذلك اننا نحن المخطؤون. زميلة ، ايمان العبيدي. صديقة الجميع، ربما تبدو صريحة اكثر مما ينبغي،لكنها طبق المعايير الاخلاقية "الصارمة "(وهذا ما يشهد به تقريبا الجميع)استطاعت ان تجمع في ان واحد عددا من الصفات النادرة(وهي كثيرة!) لكن الأهم انها قاض بدون مشاكل (سواء مع السلطة او مع زملائها او حتى مع رؤسائها المباشرين).
غير انها(و هذا يحسب لها) تبدو "سليطة اللسان" فيما يخص حياتنا العامة - نحن القضاة - والمسائل المتصلة بنزاهة القضاء و مقاومة الفساد وتضامن القضاة .!
لكن هذا لم يجرها يوما إلى الدخول في جدل عمومي او مناوشات حادة مع هيئات او شخصيات سياسية...!
ومع ذلك دفعت زميلتي، وهي مستقرة في حياتها الهادئة، إلى" عاصفة" مفتعلة بحكم هذه التدابير الاستثنائية . ورغم انها اعتادت السفر في كل عام إلى وجهة عائلية كغيرها من المواطنين ،الا انه تم ابلاغها منذ يومين من قبل الجهات الأمنية انها ممنوعة من السفر دون بيان الأسباب القانونية او الدوافع "السياسية" التي جعلت من سفرها تهديدا للأمن العام.!
الزميلة في حينها روت بكل تلقائية الظروف العادية لسفرها ثم خلصت إلى القول: "انا هام منعوني ولا حاشتي باش نعرف السبب و لا نطعن ولا حاشتي بتصحيح الوضعية. التجربة مفيدة شفت كواليس الإجراءات وشفت تفاعل المواطنين مع القرارات التنفيذية وجربت منع قاضية من السفر خلال عطلتها القضائية لمدة أسبوع"
لكنها بعد ذلك تساءلت - لا كقاضية في هذه الجمهورية، بل كمواطنة- عن هوية من أصدر قرار منعها من السفر .. خاصة وان حق التنقل هو حق فردي دستوري تحميه بالضرورة سلطات الدولة.
بالتأكيد كان يعلم ذلك استاذ القانون الدستوري.!
لكن المشاكل لم تتوقف عند هذه الحدود. ولم تكن تدري كيف بلغت اخبار منعها من السفر لمن يترصد بها الشرور! .
وفوجئت بتداول كتابات مع صورتها تورد عن مصادر امنية " ان إيقافات بالجملة ستطال عدة شخصيات متورطة قضائيا في ملف تفجير حافلة الأمن الرئاسي و من بينها القاضية إيمان العبيدى التي اخلت سبيل عديد المتهمين و تسترت عن بعض الادلة الدامغة و محاولة فرارها اليوم عبر مطار تونس قرطاج الدولي تؤكد ان عصابة بشير العكرمي من القضاة المتواطئين قد بدأت تتفكك و ان سلك القضاء بدا في التحرر من الفاسدين.!!! "
يعني أن الأمر لم يستغرق اكثر من 10ايام (منذ اعلان التدابير الاستثنائية ) لتفكيك العصابة والتحرر من الفاسدين.!!!
بل قد وصل الحال إلى فبركة فيديو بالكامل تحت عنوان مثير :"مسك القاضية بالنهضة وائتلاف الكرامة ايمان العبيدى تريد الهروب إلى تركيا عن طريق مطار قرطاج!!!".
فهل بقي بعد ذلك شيء يقال؟! ، ومن سيقنع الناس أن ذلك افتراء؟ وان منع المواطن من السفر دون سبب مبرر هو اعتداء على حقوقه! و كيف للقاضي ان يحمي الحقوق والحريات في هذه الأجواء؟!