لماذا ثار الناس على حكم الطرابلسية وعائلة بن علي (الم ينكروا كذلك على عثمان بن عفان تقريبه لقرابته في الحكم).؟! لماذا خشي الناس من حكم الاصهار (صخر الماطري – سليم شيبوب..) وسطوتهم وفسادهم (بلحسن الطرابلسي وإخوته…) وتدخل سيدات القصر (وسيلة بن عمار – ليلى الطرابلسي..)؟
الم يحفظ لنا التاريخ مظاهر الانحراف في حكم الحبيب بورقيبة الذي سجل تدخل « الماجدة » لتسمية شقيقها المنذر بن عمار وزيرا على وزارتين (الصحة العمومية والشؤون الاجتماعية ثم السياحة) وتعيين الحبيب بورقيبة الابن سفيرا ثم وزيرا للشؤون الخارجية ووزيرا للعدل ومستشارا خاصا لدى والده حتى انه تم الحديث وقتها عن خلافة الابن لأبيه ؟
لماذا تهكم الناس على الوزير الاول الاسبق محمد مزالي الذي اقنع الحبيب بورقيبة بتسمية زوجته فتحية المختار وزيرة للعائلة والنهوض بالمراة في الحكومة التي يتراسها وراجت وقتها مقولة ساخرة عن « فراش » محمد مزالي الذي كان ينام عليه ثلاثة وزارء باعتبار توليه الوزارة الاولى ووزارة الداخلية اضافة لزوجته التي تولت مقاليد الوزارة الجديدة واقيلت منها مع تنحية زوجها ؟!.
ولماذا عاد الناس بعد الثورة يستنكرون تسمية رفيق عبد السلام وزيرا للخارجية بتأثير من صهره راشد الغنوشي.؟
ولماذا عاب الناس على الرئيس محمد المنصف المرزوقي ان تتم ترقية شقيقه هشام وهو في الحكم الى قنصل عام ببون حتى ان رئاسة الجمهورية اضطرت الى التأكيد على « أن تونس الثورة لم يعد فيها أي مجال للمحاباة والترقيات على أساس القرابة والمحسوبية »؟
ولماذا لم يكف الشعب ولم تهدأ البلاد منذ ظهور حافظ قايد السبسي كخليفة محتمل لوالده الباجي خصوصا بعد تصعيده على راس حركة نداء تونس وتسميته مديرا لإدارة الهياكل والتعبئة ثم مديرا تنفيذيا للحزب ؟ وهو ما اعاد الحديث وقتها عن توريث الحكم بين العائلات.!
ولماذا بدا المواطنون (والسياسيون) يتحدثون في المدة الاخيرة سرا وجهرا عن تأثيرات الاقرباء و المقربين و المتصاهرين على مقاليد الحكم بقرطاج حتى انهم كشفوا-بعد استقالة او اقالة نادية عكاشة-انها كانت تفرض موقفها على الرئيس وان توفيق شرف الدين حسم معركة الشقوق بتحالفه مع نوفل سعيد وشقيقة حرم الرئيس!(نقلا عن غازي الشواشي).
ببساطة نجيب، لان حكم العائلة والاحباب لم يبرح تاريخنا -قديما وحديثا- وكان في كل الفترات مدخلا للفساد ونهب الثروات وتكديس الامتيازات وبروز « المحسوبية السياسية » التي تؤدي الى « رأسمالية المحاسيب » وما تتضمنه من محاباة واستغلال العلاقات القوية القائمة بين المسؤولين الحكوميين !
ببساطة، لان حكم العائلة والاحباب يتناقض مع الشفافية والحكم الديمقراطي ويفتح الباب لخدمة المصالح الذاتية والعائلية والعلاقات بين الاسر وتوزيع التصاريح والتراخيص والمنح وتخفيض الضرائب بطريقة غير مشروعة !
ببساطة الناس تخشى حكم العائلة و الاحباب لأنها تخشى عودة ذلك التاريخ الممقوت!