لمن لا يعلم، القضاة الذين شملهم قرار الاعفاء الظالم (57 ) هم في اغلبهم ينتسبون الى القضاء العدلي( 55)، وبالنسبة لأغلبية هؤلاء (على الاقل 45 قاضيا) لم تكن لهم ملفات محالة او مفتوحة (لدى تفقدية القضاة) ولم يكن المجلس الاعلى المؤقت للقضاء العدلي على علم بتتبعهم او نسبة افعال اليهم وبالاحرى على تكوين ملفات بمؤيدات تخصهم!
وحتى يقتنع المشككون، ربما لا يعلم الكثير ان المتفقد العام بوزارة العدل (السيد رياض الصيد)، وهو المشرف اصلا على الابحاث التي تجرى بشان اي تتبع تأديبي لاي قاض، قد شمله الاعفاء مع عدد من اصحاب الوظائف القضائية العليا والمسؤوليات والخطط على اختلاف رتبها دون ان يخضعوا باي وجه للإجراءات الضرورية التي تكفل لهم الاطلاع والرد والمراجعة وحق الدفاع امام هيئة قانونية تتمتع بالمشروعية والحياد.
فهل يمكن ان نغفل ان القائمة الاسمية المنشورة بالرائد الرسمي قد تضمنت (بقطع النظر عن السيدين الطيب راشد والبشير العكرمي) رؤساء اول لمحاكم استئناف ووكلاء عامين لديها فضلا عن مساعدين اول ووكلاء جمهورية وعدد من قضاة التحقيق وعميدهم وهو ما يشير الى استهداف مباشر وممنهج لسلسلة القضاة المنتسبين للنيابة العمومية والتحقيق على خلفية ممارستهم لسلطاتهم القانونية في قضايا ذات اهتمام عمومي وسياسي.
كما لا يمكن ان نغفل ان اربعة من القضاة المستهدفين قد انتسبوا بطريق الانتخاب الى المجلس الاعلى للقضاء الذي تم حله وان ثلاثة على الاقل، من بينهم رئيس المجلس(السيد يوسف بوزاخر) ورئيسة مجلس القضاء العدلي (السيدة مليكة المزاري) واحد اعضاء المجلس الاخير (السيدة رفيعة نوار بصفتها الرئيسة الاولى لمحكمة الاستئناف بتونس) لم يكونوا على علم باي وجه بإجراءات تأديبية سابقة تتعلق بممارستهم لوظائفهم القضائية وان اعفاءهم قدتم على خلفية المواقف المعلنة للمجلس الاعلى للقضاء التي سبقت قرار حله وتنصيب مجلس مؤقت من قبل رئيس الجمهورية.
كما يبدو ثابتا ان اثنين على الاقل من بين القضاة المستهدفين (السيدان حمادي الرحماني ومراد المسعودي) لم تنسب لهما اخطاء مهنية سابقة او تشملهما تتبعات تأديبية باي شكل وان قرار اعفائهما كان بالتأكيد علي خلفية التعبير قولا او تدوينا - سواء بصفة فردية او جماعية - على مواقف او انتقادات مشروعة تتعلق بالخروقات المتصلة اما بالقضاء والعدالة او بالمنظومة القانونية و الدستورية بعد 25 جويلية2021.
وفضلا عن ذلك يبدو ان بعض الاسماء التي تولت مناصب عمومية(السادة يوسف الزواغي المدير العام السابق للديوانة و بلحسن بن عمر المستشار السابق لدى رئاسة الحكومة وعماد بن طالب علي الرئيس السابق للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ) او ترشحت لخطط سياسية او تم اقتراحها لوزارات في حكومات تم اسقاطها (السيدان عبد اللطيف الميساوي وسفيان السليطي) لم يكن لها من ذنب الا قبولها بالوظيفة العامة خارج المحاكم او تداول اسمائها في دوائر الحكومة والسياسة!