ليس مصادفة ان استحضر في هذا اليوم، الاثنين 7فيفري 2022،مرارة كنت احسستها امام مقر جمعية القضاة التونسيين بقصر العدالة بتونس في يوم الاربعاء31 اوت 2005. رغم مرور اكثر من 16عاما عن ذلك التاريخ لايزالون هم بعينهم يغلقون الابواب في وجه القضاء!
اذكر من جملة ما حصل كأنه اليوم، ان اغلاق مقر الجمعية وابدال اقفاله بالقوة لم يكن يحتاج الى اي قرار اداري او قضائي يوم كان بن علي يدير كل شيء في « جمهورية الموت . «
وكما لم يتوقف رجال الامن اليوم على وجود قرار مكتوب يقضي بغلق مقر المجلس الاعلى للقضاء، لم تتردد وزارة الداخلية لحظة يومذاك لكي تستولي على مقر الجمعية بتعليمات غير مكتوبة!
واذكر- انا رئيس الجمعية مع زملائي اعضاء المكتب التنفيذي المنتخبين -اننا لم نجد مكانا بقصر العدالة نكتب فيه بيان احتجاجنا على غلق المقر. فهل كان بوزاخر (رئيس المجلس) وزملاؤه يختلفون عنا كثيرا وهم يشهدون الآن غلق المقر بالسلاسل الحديدية ومنع الاعضاء و الموظفين والعملة من دخوله.!
لا شك ان القضاء قد تقاسم ولايزال على مر السنين والاجيال اوقاتا عصيبة لعل اشدها او اهونها اختبار القوة الذي نشهده اليوم.
لقد كنا صادقين ونحن نستحضر في بيان كتبناه يوم 1سبتمبر 2005″ وقوف القضاة ممن حملوا شرف القضاء على ابواب قصر العدالة وهم يشهدون على مرأى الجميع الغاء وجودهم والنيل من هيبتهم والمساس من كرامتهم. «
وبنفس المعاني وان اختلفت الكلمات اعتبرنا « ان التجرؤ على جمعية القضاة بمنع نشاطها بمقرها الرسمي، واهانة اعضائها ،واستباحة، وثائقها.. دون اي سند قانوني او قضائي ينذر برفع الحماية الشخصية والوظيفية المكفولة للقضاة بمقتضى الدستور وقانونهم الاساسي. «
مثلما عبر المجلس اليوم عن رفضه « للإهدار المفاجئ والمسقط لكافة ضمانات استقلالية القضاء، في تقويض واضح للدستور والمواثيق والمعاهدات الدولية المصادق عليها . «
ومثلما دعونا القضاة « الى التعبير عن تمسكهم بهياكلهم الشرعية في حدود ما يفرضه شرف القضاء وحياد السلطة القضائية و استقلالها » يدعو المجلس اليوم « عموم القضاة الى التمسك بمجلسهم باعتباره الضمانة الوحيدة التي تقيهم من خطر المساس باستقلاليتهم في اداء واجبهم وخطر تعريضهم للضغط والتيقظ للدفاع عن وضعهم الدستوري ». فلا يمكن للقضاء – مثلما علمتنا التجارب -ان يجد بديلا عن هياكله الشرعية وان يستعيض عن ضماناته (مثلما ادرك المجلس) « بوضع مجهول العواقب وفاقد لكافة الضمانات تنفرد السلطة التنفيذية بصياغته وادارته. « !