مرافعة تاريخية للمناضل المعتقل عماد دغيج، أمام القاضية في جلسة محاكمة معتقلي مسيرة 14 جانفي 2022 :
الرئيسة: (بعد المناداة على 31 متهم) نبداو بالزوز المتهمين المقدمين في حالة إيقاف... وين السيد عماد دغيج؟
دغيج: هوني السيدة الرئيسة(يرفع يده ويتقدم مجموعة الموقوفين)
القاعة كانت مكتضة للآخر بين موقوفين وفريق دفاع كبير من المحامين وأمنيين وحضور عدد كبير من المواطنين وعائلات المتهمين وعدد آخر بقى في البهو الخارجي لعدم استيعاب القاعة، وكان يعم القاعة تشويش خافت لم ينقطع وتواصل حتى مع بعد افتتاح الجلسة.
الرئيسة: سي عماد، انت اكدت نزولك للمشاركة في التجمع الي صار يوم 14 جانفي على مستوى شارع محمد الخامس وشارع الحبيب بورقيبة وكنت متواجد زمن حدوث الاشتباكات بين المحتجين وعناصر من القوات الأمنية؟ ولكن أنكرت علمك بقرار منع التجمعات الي أعلنته السلطات في الليلة السابقة ليوم 14 جانفي؟
دغيج: اي نعم السيدة الرئيسة
الرئيسة: يعني متمسك بأقوالك ؟
دغيج: تماما تماما السيدة الرئيسة
الرئيسة: طيب.. انت سي عماد زادة تنكر الاعتداء على 9 أمنيين أثناء حدوث الاشتباكات واللي سبقوا وقدموا شهادات طبية للمحكمة في الغرض؟
دغيج: اي نعم السيدة الرئيسة
الرئيسة: يعني مصر على اقوالك وتتمسك بيها .. هل لك ما تضيفه؟
دغيج: أي السيدة الرئيسة كان تسمح
الرئيسة: تفضل
دغيج: السيدة الرئيسة أنا ماثل هوني قدامك موش على خاطر الملف الي قدامك .. لا!!! و فجأة يعم القاعة صمت رهيب يقطع اول مرة مع التشويش اللي المتواصل من قبل انطلاق الجلسة.
الرئيسة وأمام قوة ما تناهى إلى مسامعها و أمام الثقة الكبيرة التي استهل بيها عماد مرافعته وفي حركة لا شعورية تستدير لاقصى يمينها متوجهة حيث يقف دغيج .. لتتراجع وتسترخي بالكامل إلى الخلف في كرسيها المريح متهيئة للسماع بكل انتباه لصرخة ثائر ربما تسجل في تاريخها وتاريخ محاكمات الرأي في تونس.
دغيج: السيدة الرئيسة انا واقف قدامك اليوم من أجل مواقفي و آرائي السياسية الي نعبر عليها يوميا في فيديواتي وفي لقاءاتي التلفزية وفي كل مناسبة من ثورة جانفي 2011 لليوم ..
السيدة الرئيسة يقع استهدافي بالملف هذا وبغيره من الملفات في كل مرة لاني نزلت يوم 14 جانفي للاحتفال بذكرى الثورة التونسية وعبرت عن رأيي من غير خوف ولأني دعيت من أسابيع الشعب للنزول والاحتفال بعيد ثورته ..
السيدة الرئيسة انا مستهدف بهذا الملف الكيدي لأنه اسمي عماد دغيج وليس للأفعال المسجلة امامك في الملف خاطر معندي حتى علاقة بيها ..
السيدة الرئيسة وقت اللي توجهولي الأعوان واعتقلوني كان يوجه فيهم أحد القيادات خصيصا ليّ انا وقالولي عنا تعليمات من فوق باش نوقفوك ..
السيدة الرئيسة انا علاقتي بالامنيين كانت ديما باهية ويحترموني ونحترمهم كي يبداو يخدموا في خدمتهم وعمري ما انخرطت في أعمال عنف ..
السيدة الرئيسة انا بالنسبة ليا ضميري مرتاح وعلاش نقلك اللي الملف هذا مآله معادش يهمني لانه يكفيني انه في المكافحة مع 9 أعوان أمن اللي ادعاو إني ضربتهم حتى واحد فيهم ما نجم اهز عينوا في عيني وتحديتهم أي واحد فيهم يحلف على المصحف الي انا اعتديت عليه لكنهم رفضوا .. وهذا مسجل عندك في الملف ..
السيدة الرئيسة انا مستهدف لأنه مازلت كي برأتني محكمتكم من قضية كيدية مماثلة فبركت لي سنة 2014 ودُعيت هذا الشهر من إحدى الفرق الأمنية لسماعي كمتضرر بعد تبريئتي.
الرئيسة : تشير إلى الكاتب لإضافة انه دغيج يعتبر نفسه مستهدف لمواقفه السياسية وان التهمة الموجهة إليه كيدية.
دغيج: (يواصل) السيدة الرئيسة يقع استهدافي على خاطر غيرتي وخوفي على البلاد هذه اللي خذات مني وانا لا طلبت ولا هي عطاتني شيئ في المقابل.. رفضت مناصب تعرضت علي، رُشحت لعدة خطط ولدخول عدة انتخابات على رأس قائمات ولكني رفضت ..
السيدة الرئيسة انا عندي حلمة نعيش على خاطرها .. في الحقيقة هي حلمتنا الكل حلمة كل تونسي يتمنى يعيش ويخلي لصغاره دولة حرة ديمقراطية عادلة دولة يُحترم فيها القانون والمؤسسات وما يجيش حتى واحد نهار آخر رئيس أو مسؤول يستغل موقعه و سلطته باش يظلم الناس ويهرسل كل من أخالفه من أجل أغراض شخصية ..
الحلمة هذه السيدة الرئيسة بدأت من ثورة الحرية والكرامة الي أسقطنا فيها دكتاتورية الظلم و الفساد واللي قدمنا فيها الغالي والنفيس من أجل إرساء دولة تسع أبناءها الكل باختلاف توجهاتهم وهذا علاش من حقنا نخرجوا نحتفلوا يوم 14 جانفي و نحتجوا على المسار الانقلابي اللي بصدد اغتصاب كل السلطات واللي تجرأ بنزوة شخصية على إلغاء عيد عنده رمزية كبيرة عند التوانسة عيد الثورة التي حررتهم واعطاتهم قيمتهم كمواطنين ..
السيد الرئيسة أنا استهدفت في عهد بن علي وسجنت قبل الثورة من أجل ارائي السياسية وجاتني الفرصة بعد الثورة باش ناخذ حقي في الشغل و نرجع نقري كأستاذ رياضيات لأني تمتعت بالعفو التشريعي العام .. ورفضت السيد الرئيسة ..
رفضت لأني كي قدمت تضحيات عمري ما ستنيت مكافئة من حد ..
نفس الشيئ رئيسة عندي الحق نقدم ملف لمنظومة العدالة الانتقالية وتسلط عليا ضغط من صحابي و زملائي و عائلتي ورفضت لأني نعتبر الي البلاد هذه مزيتها سابقة عليا ..
السيدة الرئيسة، ولد اختي جريح ثورة تضرب برصاصة في ساقه يوم 13 جانفي و رغم إصراره وإصرار العائلة كذلك لتقديم ملف و إدراجه في قائمة جرحى الثورة فإني مرة أخرى رفضت ..
السيدة الرئيسة نحب نقلك الي تسجننا وتعذبنا وتظلمنا وضحينا واعطينا ومازلنا نعطيوا للبلاد العزيزة هذه وننتظروش جزاء.. ولكن على غرار قضيتي اليوم وفي كل مرة نقدم تضحية من أجل حلمتنا تونس .. تقابلنا دولتنا بالتلفيق والجحود والنكران.