جلست في مكان بعيد عن الضوضاء و صخب المنابر الإعلامية و تحليلها للشان العام السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي دون جدوى، و كغيري من أبناء الوطن الذين ينشغلون بتردي اوضاع البلاد على جميع الاصعدة، انتكست ،فغضبت، ثم حزنت ،فتأملت و فكرت ،فحلمت ،حلم اليقضة و تسائلت عن وضع بلادنا بأجهزتها الرسمية و من هي الشخصية التي من شانها ان تقلب الموازين و تعدل الاوتار ، فوجدت انه رئيس الجمهورية ، السيد محمد الباجي قائد السبسي، فتساءلت، كيف يمكن لهذا الرجل الذي عاش حقبات من الزمن، أن ينقذ ماضيه السياسي و الديبلوماسي في حاضره،مع رسم أفاق جديدة لمستقبل تونس،فتخيلت ان يتوجه سيادته الى الشعب التونسي في هيبة موقرة و محترمة،بكلمة يكون نصها التالي:
بِسْم الله الرحمان الرحيم أيها المواطنون، أيتها المواطنات،
لقد تسلمت منصب رئيس الجمهورية، بعد ان أحرزت ثقة الكثير من شعبنا الابي، و قد اديت يميناً حاسما، يتمثل في المحافظة على إستقلال تونس و سلامة ترابها و تعهدت امام الله و امام الشعب ،بان احترم دستور تونس،علاوة على مراعاة مصالحها و الالتزام بالولاء لها، و منذ تاريخ مباشرتي لمهامي، و تعييني لرئيس الحكومة الذي لا أشك في حبه لتونس ، هو فريقه الحكومي، و المؤشرات الاقتصادية و الوضع الاجتماعي في تأزم ، شبابنا ينحرف نحو طريق اللاعودة ،البطالة تستفحل ،الفقر يستشري و ضحايا الارهاب الجبان ، تتكاثر في كل مناسبة غادرة بالرغم من مجهودات قواتنا العسكرية و الأمنية في درأ هاته المصائب. أيها المواطنون، أيتها المواطنات، لا احد بامكانه ان ينكر ما قدمت الى تونس منذ تقلدي مسؤوليات في الدولة و قد نالني شرف المساهمة في بناء دولة ما بعد الاستقلال تحت إمرة المناضل الزعيم المجاهد الأكبر الحبيب بورقيبة ،صحبة رجال منهم من فارقنا و منهم من يزال على قيد الحياة وهم رموز تونس، (وربي يطول في أعمارهم(، و انا أتألم يوما بعد يوما و يتزايد اقتناعي، بعد الصراعات الحاصلة في الاحزاب السياسية و ضعف أداء المعارضة لغياب قاعدته الشعبية.
أننا قد وصلنا الى مأزق حقيقي، لأننا قد ساهمنا في تشكيل مشهد سياسي، على أساس وعود عجزنا اليوم على تحقيقها،نظرا لتغيير الأوضاع الجغراسياسية و ضعف مواردنا الطبيعية و اهتزاز ثقة الموسسات النقدية العالمية و بعض الدول الداعمة لتونس، أيها المواطنون، أيتها المواطنات، أوصيكم خيرا بتونس، هذا البلد الذي استشهد من أجله رفاق دربي لننعم اليوم بالاستقلال و استشهد من أجله رجال و نساء بررة، قدموا دماءهم فداءا لتونس حتى ننعم بالامان في عمليات التصدي للارهاب.
أيها المواطنون،أيتها المواطنات، لقد قررت، حل مجلس النواب، حتى يتشكل المشهد السياسي من جديد بالشكل الذي يستجيب لتطلعات الشعب التونسي بعد ان اكتسبنا تجربة في الديمقراطية من خلال الانتخابات التي تم تنظيمها في البلاد، كما قررت التخلي على منصب رئيس الجمهورية و تفويض صلاحيات رئاسة الجمهورية طبقا لاحكام الدستور الى السيد حبيب الصيد رئيس الحكومة التونسية، حتى تدخل البلاد في نفس جديد و تضخ فيها دماء و روح جديدة قادرة على رفع التحديات المستقبلية.
أبنائي، بناتي، لقد كبرت، و تجاوز عمري التسعة عقود، ناضلت فيها من كل المواقع لخدمة تونس و خدمة شعبها، لكن اليوم تونس بشيبها و شبابها و اطفالها ، تستحق زعيما شابا ، يكون رمز لسيادة الدولة و قوتها و مناعتها، كفيل بشحن العزائم و الهمم لإعادة بناء الدولة التونسية على النمط الديمقراطي، أبنائي، بناتي، سأظل طيل ما حيت ،مدينا لهذا الشعب ولتونس الحبيبة،الارهاب لن يهزمنا، الخوف لن يسكننا، لن ادخر جهدا، لمعاضدة مجهودات الدولة من خلال تجربة في مراكز السلطة ،بالنصح و التوجيه و التدخل، من اجل تونس و من اجلكم أنتم ،ابنائي و بناتي ، أبنائي،بناتي، اطلب من الشعب،أن يسامحني من أجل أخطائي و من الله في صورة أخطأت او قصرت في حق شعبي و هاته البلاد و لا تنسوا ان تونس هي مجدنا و وطننا.
و في الختام، تمنياتي للسيد حبيب الصيد بالنجاح و التوفيق، عاشت تونس حرة أبية و الولاء لها. و السلام.
وهذا ما أعتبره أيها القرّاء المحترمين ، الخروج من الباب الكبير،متمنيا للسيد الباجي قائد السبسي كشخصية وطنية و رمزا من رموز الدولة التونسية بطول العمر و الصحة و العافية .