على إثر توجه السيدة الفاضلة و النائبة المحترمة سامية حمودة عبو، بالسؤال لوزير الصناعة حول استغلال الملح التونسي من قبل المستعمر الفرنسي، تعهد هذا الأخير معلنا في مجلس نواب الشعب بتاريخ 6 ديسمبر 2015 أنه سيتم إنهاء العمل باتفاقية 'كوتوزال' المتعلقة باستخراج الملح في تونس مشيرا انه سيتم مراجعة آليات وطرق التعاقد والإتاوة المفروض على استغلال هاته الاراضي.
و على خلفية التصريح المذكور ، لا يمكن سوى ان نقف إجلال و تقديرا، لكن ليس للسيد وزير الصناعة بل للنائبة سامية عبو، التي عرفت باستماتتها في تبني قضية الطاقة و الموارد الطبيعية للبلاد التونسية ، بحيث اصبحت النائبة المحترمة ،تلقي الرعب من خلال خطابها الصادق، في قلوب الوزراء الغير ماسكين بزمام ملفاتهم، ذلك ان وزير الصناعة قد تعهد على أساس جهل بمعطيات استغلال الملح التونسي من جهة و من جهة اخرى ردة فعله الإيجابية التي تنبعث من خوف توجيه السؤال له على قرار التمديد في مدة صلوحية التجديد الثاني لرخصة البحث عن المحروقات التي تعرف برخصة "شمال مدنين" وهو ما يعد خرقا للدستور و التراتيب الجاري بها العمل، لكن السادة و السيدات النواب، أفحمهم تجاوب وزير الصناعة، فتم غض الطرف عفويا او قصديا على طرح السؤال.
و لانني إنسان ، أفكر و أتأمل ،فاني دائم البحث عن الحقيقة، لإماطة اللثام عن الاوهام، فقد تجاهل وزير الصناعة، ان شركة كوتوسال و لا كوتوزال، هي شركة تونسية مسجلة بالسجل التجاري تحت عدد b1163661997 صاحبة الاسم التجاري التالي :الشركة العامة للملاحات التونسية ، كوتوسال،وهي شركة تضم مساهمة الدولة التونسية من خلال بعض الموسسات التي تساهم في راس مالها الدولة على غرار البنك التونسي و شركة فرنسية اسمها سالينس، على معنى مقتضيات المنشور عدد 38 لسنة1997 و احكام القانون عدد 9 لسنة 1989 وهو ما يعد صيغة من صيغ الشراكة في مجال استغلال الموارد الطبيعية للبلاد التونسية من خلال عقود أزمات.
و الجدير بالتذكير، ان شركة كوتوسال، هي شركة موجودة منذ سنة 1949,و قد أسندت لها مهمة استغلال الملح التونسي على أساس اتفاقية أبرمت سابقا في عهد الحماية التونسية مع الباي الأمين، لكن على اثر استقلال البلاد،تم تأميم الملح التونسي بموجب القانون عدد 77 لسنة 1957, و بذلك دخلت الدولة التونسية طرفا في راس مال الشركة منذ تلك المدة.
و في سنة 1997, تمت اعادة هيكلة الشركة من جديد على خلفية مناقشة الطرف التونسي صلب مجلس الادارة الذي يضم ممثلين على الموسسات التي تساهم في راس مالها الدولة و شركة سالينس الفرنسية (المدير العام فرنسي و رئيس مجلس الادارة تونسي ابن تونسي )، لنجد اليوم راس مال الشركة التونسية و التي تعد احد فروع القابضة الفرنسية سالينس،يصل 16 مليار من المليمات، مع استغلال أراضي لاستخراج الملح بجهات سوسة و صفاقس و جرجيس ، و لا بشط الجريد كما يروج له او بسبخة السيجومي كما يتخيل البعض.
فما عسى وزير الصناعة "زكريا حمد " فاعلا اليوم سوى التعهد للمراوغة، و هاته الشركة التونسية ، التي تضم مساهمات الدولة من خلال مساهمين عموميين ، وهي التي تستغل بصفة حصرية هاته الاراضي بالشراكة مع الشركة الفرنسية (الأمثلة عديدة في مجال الشراكة بين الأجانب و المساهمين العموميين) ، لا سيما ان موارد تصديرها ، تعود مباشرة بالنفع على الميزان التجاري من جهة و على احتياطي العملة الصعبة ؟
ثانيا هل يعتقد وزير الصناعة ان له سلطة إشراف على موسسة خاضعة لمجلة الشركات التجارية ،على أساس انها تضم مساهمين عموميين، فل يتطلع على الأوامر التالية 2196 و 2197 و 2198 لسنة 2002 حتى يدرك حدود سلطة إشرافه ؟
ثالثا هل من المعقول ان نصدق اليوم بصفة مطلقة،ان الملح التونسي يباع بالثمن المنصوص عليه بالعقد المبرم سنة 1949؟ فلماذا لا نصدق اذا ان نفس الخرافة تنطبق على الفسفاط التونسي ؟الم نستقل في هاته البلاد منذ سنة 1956 ؟ ألم تلد تونس رجالا و نساءا صادقين، منذ سنة 1956 للدفاع عن مكاسب الدولة التونسية، حتى يغفلوا على ملف الملح التونسي ؟
في الحقيقة ، وزير الصناعة ،تعهد من وقع الخوف و الرعب الذي ألقته في نفسه السيدة سامية عبو ، و بلغتنا الدارجة "سلكها بمجرد جملة ، اكتب على ظهر الحوت و لوح في البحر"،فغاب السؤال الرئيسي عن الجلسة فيما يتعلق بالقرار المذكور أعلاه.
و لغاية في نفس يعقوب، أدرجنا لقراءنا المحترمين، جملة من الوثائق و المؤيدات، للوقوف على بعض الحقائق، كما يمكن لهم الاطلاع على عديد المعلومات بمجرد الولوج الى صفحات الانترنت التالية:
http://www.cotusal.tn
http://www.salins.com،
هذا و لا يزال البحث عن الحقيقة في تونس متواصلا في العديد من القضايا الجوهرية.