ضرب رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ في خطابه الأخير للشعب مثلا مفاده أن لا أحد يعلو على القانون ونصه الذي استمده من عمق الثقافة الشعبية يقول «ما ثمة حد فوق راسو ريشة» فاقنع اتصاليا لكنه صار سجينا لمثله يحاسبه الناس بناء عليه وينظرون في قراراته هل نظرت إلى الريش فوق الرؤوس فنزعته أم أهملته وغضضت الطرف عنه لضخامة الرأس التي نبت عليها الريش فصعب قلعها.
ونحن لا نجد لنا محيصا من أن نسير مع الناس في النظر إلى قرارات الرئيس إلياس، فما نحن «إلا من غزية» وقد بدا لنا في قرار إلياس الأخير بالسماح باستئناف تصوير المسلسلات الرمضانية ريشا كثيرا نحاول نفشه حتى تنكشف لنا الرؤوس النابت عليها.
في الواقع القرار المباشر صدر عن وزيرة الثقافة التي أعلمتنا في بلاغها بأن الأمر تم بموافقة رئيس الحكومة ووزارة الصحة، لكنّ وزير الصحة عبد اللطيف المكي في تصريح للقناة الأولى وقبله لموزاييك عبر باحتشام عن اختلافه مع القرار مشيرا إلى أن رئيس الحكومة هو الذي يرجّح وقد رجّح.
إذن عاد الأمر الى رئيس الحكومة فلننظر لماذا كان الفخفاخ من المتساهلين مع أصحاب التفلزيونات الخاصة واستثناهم من قرار الحجر الصحي؟ هل كان الأمر حرصا منه على مورد رزق الفنانين كما تحاول بعض الجهات تبرير القرار أم أن وراء الأكمة ريشا آخر؟
نميل إلى وجود الريش وراء الأكمة وهذا دليلنا …
وراء الأكمة تظهر شركة MINDSHARE المختصة بتوزيع الإشهار التلفزي التجاري على القنوات لصاحبتها حياة الرايس ويوجد مقرها الرئيس في الامارات وشركة LABELالتي أشرفت على أعمال اتصالية خاصة برئيس الحكومة منذ حملته الانتخابية وقدمت له خدمات جليلة خلال إقامته في قصر الضيافة ومشاورات تشكيل الحكومة ويظهر أيضا السيد عدنان بن يوسف مستشار رئيس الحكومة للإعلام والاتصال.
فكيف يتموقع هؤلاء وراء أكمة الريش؟
يمكننا المجازفة بالقول إن موقع الجماعة واحد لكنهم يدورون حيث تدور رحى المال والربح فلا علاقة لقرار وزارة الثقافة بالثقافة والإنتاج الدرامي ولا بشد العائلات التونسية في بيوتها حرصا على الحجر الصحي بل الأمر كله مصالح تجارية ومنافع يتقاسمها هؤلاء في ما نطلق عليه بتضارب المصالح.
سبق للمستشار الإعلامي لرئيس الحكومة عدنان بن يوسف أن وجه رسالة إلى القنوات التلفزية للمساهمة في التعريف بمجهود الحكومة في مساعدة العائلات المعوزة مجانا بالتعاون مع شركة.
لم يقدم لنا السيد عدنان تفسيرا لفضيل هذه الشركة على غيرها والحال انه لم تنظم مناقصة ولا طلب عروض شفافا وعلنيا لاختيار شريك للقنوات التلفزية. هنا المثير للتساؤل في هذا الموضوع. هو وضع هذه الشركة باعتبارها أجنبية والقانون يمنع مثل هذه الشركات من ممارسة هذا العمل. فهل نحن إزاء عملية تبييض أموال تتولاها شركة نسرين الشريف LABELL لفائدة MINDSHARE؟
يبقى السؤال قائما ما لم تتضح لنا معالم الوضع القانوني لفرع شركة مانشار في تونس وهم مسؤولون عن توضيحها للرأي العام. وتعضده تساؤلنا هذا أسئلة أخرى عن خضوع السيد رئيس الحكومة لضغوط لوبيات القنوات التلفزية التي يبدو أنها انخرطت في صفقة مسبقة مع المستشهرين ممنية النفس بغنم مالي كبير في رمضان هذا العام نظرا لخصوصيته بسبب الحجر وإغلاق المقاهي والمساجد. هل ضغطت بقوة حتى لا تفوت هذه الفرصة واستجاب لها رئيس الحكومة متجاهلا أنه يقع تحت طائلة تضارب المصالح وزين ذلك بأعذار أقبح من الذنب ساقها بلاغ وزارة الثقافة؟
الثابت أن الأمر يحتاج إلى مصارحة ومكاشفة ويحتاج إلى تراجع رئيس الحكومة عن قراره الذي خرق التزامه و أثار حفيظة فئات من الشعب أكثر هشاشة من هذا القطاع لكن يبدو أن الريش هذه المرة هو فوق رأس الرئيس الياس و أنه من الطبيعي أن لا يقدر المرء على رؤية ما فوق رأسه غلا أن يضع يده عليه فهل يفعلها إلياس،خاصة أن الأمر صار قضية رأي عام ينتظر التوضيح الرسمي من الحكومة التي تعهدت بالوضوح ؟