قرأت أن يمينة الزغلامي تطالب بعدم نشر التقرير الختامي لهيئة الحقيقة والكرامة وهذا تصريح معناه قبر المسار مطلقا بما أن الهيئة انتهت ولم يعد بإمكانها مراجعة التقرير وحتى وان كانت على قيد الحياة فلا معنى لمطالبتها بمراجعة التقرير.
إذن المحصلة أن الدور السلبي الذي لعبته الزغلامي كمكلفة من النهضة بملف العدالة الانتقالية يستمر من خلال هذه الدعوة التي لا معنى لها سوى الاطاحة ببعض أمل الضحايا على علاته. الدور السلبي أو الجريمة التي ارتكبتها سهام بن سدرين ومن معها في حق ضحايا الاستبداد وفي حق العدالة الانتقالية عموما تواصلها الزغلامي بهذه الدعوة قصدا أو عن غير قصد.
الضحايا وخاصة من الاسلاميين يتحملون جزء من المسؤولية لأنهم تعاملوا مع الملف بثقة اخوة الجماعة القديمة في الحكومة زمن الترويكا وما بعدها ولم يتصرفوا بمنطق أن الحكومة حكومة الشعب التونسي ولا رابط معها سوى تطبيق القانون ما يعني أن كل اشكال التصعيد مسموح بها لجبرها على الالتزام بالمقررات لكن تلك الثقة جعلت التقدير خاطئا والتصعيد متأخرا وضاع وقت وضاعت فرص.
ضحايا اليسار عرفوا من أين تؤكل الكتف استغلوا من عندهم في أجهزة الدولة واعادوا ادماج عناصرهم (تذكروا تصريح نبراس شمام زمن حكومة الحبيب الصيد حين أعلن انه بمعية الرفيق ظافر ناجي مستشار الصيد تمكنوا من توظيف 14 رفيقا) ثم نجحوا في الحاق ما يعرف بالمفروزين أمنيا لتقرير الهيئة الختامي ونال بعض هؤلاء المفروزين وهميا نقاطا مرجعية للتعويض أكبر من محكومين بالإعدام من الاسلاميين وغيرهم ورفضت الهيئة الحاق الضحايا من الاسلاميين بالمفروزين ثم كانوا في خسة من الأخلاق وهيجوا الإعلام النوفمبري لنشر اكذوبة التعويض التي حصل عليها الإسلاميون (لا ألوم على اليسار إلا في هذه النذالة أما حقه فهو حر في كيفية تحصيله مادام الخور في دولتنا).
تأتي تصريحات الزغلامي في هذا السياق لتصب الزيت على الفتيل وتكشف الخلل المنهجي في تعامل الإسلاميين مع القضايا الوطنية والجريمة التي تزينها نخبة تنال مصداقية بسبق تاريخي في لحظة فراغ لا تجرؤ عقول الفاعلين بعده على مراجعته مثل ما نالته بن سدرين أو أم زياد أو غيرها.
النضال بالصدق ليس بالسبق. هيئة الحقيقة والكرامة مجرمة في حق البلد وفي حق الضحايا وقيادات النهضة التي لم تتخلص بعد من عقدة الاعتراف لا مكان لكم فارحلوا.