1. في التلفزة يوجدُ باثٌّ واحدٌ فاعلٌ وملايين المتلقّين من المفعولِ بهم غصبًا عنهم. في تونس المحروسة، عادة ما يكون الفاعلُ منشّطًا مأجورًا جاهلاً تافهًا مثل توفيق بن بريك ولطفي العماري وبوبكر عكاشة ومحمد بوغلاب وسمير الوافي ونوفل الورتاني ومعز بن غربية ومقداد الماجري والأخوين الشابي وبرهان بسيّس والطاهر بن حسين ودُعاة الإخوان المسلمين المتعصبين المتشدّدين المصريين في قناة الجزيرة والمذيعين المصريين في قنوات السيسي أو غيرهم في البلدان العربية الشقيقة غير الصديقة.
أما المتلقين فقد يكونوا من المواطنين العاديين أو أنصاف المثقفين أو حتى المثقفين المعجَبين وفي التفاهة راغبين وعليها مدمنين وللرداءة مستسيغين أو الذين على أمرهم مغلوبين - من أمثالي - ولأذواقِ زوجاتهم - عن خوفٍ أو طمعٍ أو احترامٍ أو حبٍّ أو مجاملةٍ رقيقةٍ - خاضعين ولهن منبطحين وللنكدِ العائلي متجنّبين.
المنشطُ الفردُ هو شخصٌ مفروضٌ علينا كَرْهًا من قِبلِ دوائر الفساد المالي المتنفذة المقبوضِ عليها والسائبة، هو ضيفٌ متطفلٌ ثقيلٌ، ولكنك لا تستطيعُ مخاطبته فهو لا يرى ولا يسمع ولا يستحي، و"اللّزادْ على ما بِيًّ" أنك تخسر عليه طاقةً كهربائيةً لِيتطاول على ذوقك ويتجاسر على فكرك وفي عُقرِ دارك ورغمًا عنكَ. أبَعدَ هذا الهوانِ هوانْ يا معشر النسوانْ؟ ليس كل النسوان.. الرخ لا، في الكامور وليس في الأَمورْ!
2. في الفيسبوك، الوضعُ يختلفُ تمامًا، ملايين من الباثّين الفاعلين ومثلهم أو أكثر من المتلقّين الفاعلين أيضًا. خِطابٌ يناطِحُ خطابًا وليسَ كبشًا ينطَحُ آخرَ، وبكل حريةٍ يتفاعل الخطابان وللحقيقة النسبية قد يصلان. لا رئيسًا ولا مرؤوسًا. لا دكتورْ ولا طرطورْ، سلاحك منطقك وليست مرتبتك العلمية مهما عظُمَتْ وعلا شأنها، ولا فرق بين فيسبوكي وفيسبوكي إلا بقوة الحجة والدليل والبُرهانْ، وفي الشبكة العنكبوتية يُكرم العاقلُ أما الخلواضُ فيظهر وِيبانْ، ولن تستره شهادته إذا كان عريانْ في سوق المعرفة والبيانْ.
مساحةٌ رحبةٌ فسيحةٌ كقلوبِ العُشّاقِ، وحدها لا غيرها تتوفرُ فيها حرية النشر والتعبير، حريةٌ واقعيةٌ وليست خياليةً، منفعتها حِينية ومجانية، تُلغِي المسافات وتقرّب القلوب وتنوّر العقول. تؤسسُ، بِحولِ الله والعلم والتكنولوجيا، لديمقراطيةٍ مستقبليةٍ واعدةٍ مباشرةٍ أفقيةٍ تشاركيةٍ عالميةٍ، سنربحُ منها الخيرِ الكثيرَ الكثير، لو أجَدْنا وطوّرْنا استعمالَها ولو ذلَّلْنا عوائقَها وصبرنا على إيذاءاتها.
فضاءٌ تعانقُ فيه يوميًّا، صباحًا مساءْ ومتى تشاءْ، فلاسفة وعُقلاءْ، من أمثال ميشال سارّ وطارق رمضان وميشال أونفري وألبير جاكار وهشام جعيط وعبد المجيد الشرفي وعزمي بشارة ويوسف الصديق وأبو يعرب المرزقي ومحمد أركون ومحمد الغزالي، عقلاءْ يساعدون المتقاعد على صومِ رمضان بعِفةٍ وتقوى، شرفاءْ يُجنِّبونك رؤية وسماع الحمقي من رجال الإعلام والسياسة.
والله أعجَبُ شديد العجبِ من مثقفٍ يُنصِتُ حرًّا لِمذيعٍ مُرائي دسيسْ، أو يشاهد منشّطا بائسًا تعيسْ، أو يقرأ لِزعيمٍ أو رئيسْ، وله في اليوتوب الفكري أفضل جليسٍ وخير وَنِيسْ؟
خاتمة: وعدٌ من الأرضِ وليس من السماءْ من مؤمنٍ بالإنسان والأنبياءْ، سنمكثُ في الأرضِ وتذهبون كالزبدِ جُفاءْ.
إمضائي
وَ"إذا كانت كلماتي لا تبلغ فهمك فدعها إلى فجر آخر" (جبران(