في الحريـــق......ووعـــي الحريــق

Photo

أتابع منذ مدّة ظاهرة خطيرة عمّت كل أرجاء الوطن .. إنّها ظاهرة تواتر حدوث حرائق عديدة بالمبيتات العمومية للتلاميذ والتلميذات.. آخرها ما حدث البارحة بأحد مبيتات الفتيات بسيدي بوزيد .. كما تابعت ما صدر من تفاعل وردود أفعال وقراءات لخلفية ما يحدث..

الغريب أنّ خيطا جامعا يربط بين قراءة عدد كبير من مناهضي الحكومة وقراءة الجهة الحكومية لهذه الظاهرة.. السيد وزير التربية وفي اكثر من تصريح يعتبر أن جهة ما تقف وراء هذه الجرائم ، بل ويؤكّد أن أيدي " الإرهاب " هي التي تخطّط لهذه الأعمال ..

أوساط " حداثية " بل واحيانا " يسارية " تقدّم قراءتها " العلمية " وتعتبرأنّ أيادي النهضة و"ابنائها السلفيين " وحتّى " بوكو حرام ـ فصيل تونس" ربّما يكون هو المسؤول عمّا يحدث بمبيتاتنا …

شخصيا ، حاولت التمعّن وقراءة كلّ ما نشر حول الموضوع ، لكنّي لم أجد حجة واحدة تنهض لترجيح هذه القراءات " الميتاـ حرائقية " ..

ولكن في المقابل هنالك أكثر من معطى ، وخاصة يتعلق باستنطاقات التلاميذ والتلميذات الذين وقع الاحتفاظ بهم ، ونسبت لهم اعترافات صريحة ، وآخرها اعترافات تلميذتين اليوم بسيدي بوزيد ..تفيد بأن المسألة ابعد ما تكون عن خلفية سياسية أو إيديولوجية أو إرهابية ..

المسالة ـ حسب الإعترافات ـ تتعلّق بنوع من التعبير العنيف عن الاحتجاج على الوضع الكارثي لظروف العيش بهذه المبيتات أحيانا ، أو بنوع من العدوى من معهد إلى آخر وهو ما يشبه إلى حدّ ما ظاهرة الانتحار ..

ثمّ مـــــاذا ؟

المطروح هو أن نكـــون في مستوى الكارثة ، وأن نبتعد عن جعل هذه المصيبة فرصة سانحة لتسجيل الأهداف في مرمى الخصم السياسي أو الإيديولوجي ..أو لإضفاء الشرعية " الشعبوية " على البقاء في كرسي الوزارة بطريقة أو بأخرى..

المسألة أعمق بكثير : إنّها تهديد حقيقي لمعلم من معالم تونس الحديثة : التعليم العمومي وأمن ابنائنا وبناتنا.. إنّها فرصة لطرح الأسئلة الحارقة والبحث عن إجابات حقيقية :

ـ هل وفّرنا الشروط الدنيا لحياة كريمة لائقة ـ بما في ذلك الإقامة والغذاء والنظافة ـ لأبنائنا في مثل هذه المبيتات ؟؟ ومسؤلية من في حالة الجواب بالسلب ؟

ـ هل وفّرنا كل لوازم السلامة الحراسة الضرورية لمؤسسات تعليمية تؤوي أرواحا بشرية غالية على عائلاتها وعلى الوطن ؟؟

ـ هل أنّ خيار توفير المبيت بشروطه الحالية هو الحلّ الأنسب ؟ أم ينبغي التفكير في تغيير المقاربة وتوفير وسائل نقل تضمن مبيت أبنائنا بين عائلاتهم حتّى وإن تطلّب الأمر نفقات إضافية للدولة ؟؟

أخيـــــرا :

هل آن الأوان لنجعــــل من " الحريق أشدّ حرقة بأن نضيف إليـــه وعي الحريق"؟؟؟؟

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات