بناءً على القرار الذي أصدره حاكم الحجاز من بني سعود، السّلطان -باعتبار تنصيب سلفه من قبَل الامبراطوريّة الإنجليزيّة- سلمان بن عبد العزيز، منذ أشهر، فبداية من يوم الاحد 24 جوان 2018، بوسع الإناث من الرّعيّة السّعوديّة التّفرّد بقيادة السيّارة وما شابهها من العربات المتحرّكة.
ومن المعلوم أنّه بعد رفع هذا الحظر الذي استمرّ طيلة عقود، والذي بموجبه كانت النّساء السعوديّات يعتمدن على أزواجهنّ وآبائهنّ وإخوانهنّ وسائقين ذكور للتّحرّك في أنحاء البلاد والذّهاب للعمل، ستخرج دولة آل سعود من وضعيّة الدّولة الوحيدة في العالم التي تحظر قيادة المرأة للسيّارة.
بقي أنّ القائمين على أهل الحجاز من آل سعود –المنحدرين من سلالة بني قينقاع غير العربيّة- قد جرّحوا بأنفسهم في قرارهم هذا شكلاً ومضمونًا، باعتبار تعارض قرارهم هذا وما أصدره مفتيّوهم وفقهاء بلاطهم الرّسميّين من فتاوى وأحكام.
ولئن كانت الفتاوى المحرّمة لسياقة المرأة للسيّارة أكثر من أن تُحْصى، فلنقْتصر هاهنا، لضيق الحيّز، على أبرز فتوتين قيلتا في الغرض:
- أولاهما: فتوى الدّاعية أمّ أنس في "التنبيه إلى حرمة الكراسي وما أشبهها من مقاعد وأرائك، والله أكبر"، وهو تحريم خاصّ بالنّساء دون سواهنّ من جنس الأنثى، باعتبار: "ما يجلبه الكرسي أو الأريكة من راحة تجعل الجَّالس يسترخي، والمرأة تفتح رجليها، وفي هذا مدعاة للفتنة والتبرُّج؛ فالمرأة بهذا العمل، تمكّن الرَّجل من نفسها لينكحها، وقد يكون الرَّجل من الجّنّ أو الإنس؛ والغالب أن الجّن ينكحون النّساء وهنَّ على الكراسي... لذلك فالجُّلوس على الكرسيّ رذيلة وزنا لا شبهة فيه".
فلمّا كانت سائقة السيّارة لا يسعها "الجلوس على الأرض" الذي "يُذكّر المسلم بخالق الأرض، وهذا يزيد في التعبُّد، والتهجُّد، والإقرار بعظمته –سبحانه-"، أسْوة بالسّلف الصّالح؛ فإنّ قرار السّلطان يُعدّ لاغ بقوّة هذه الفتوى الشّرعيّة.
- وثانيهما: فتوى العلاّمة مفتي السّعوديّة ورئيس هيئة كبار العلماء عبد العزيز بن باز، من بين المتأخّرين، في كون الأرض مسطّحة، وأنّ الشّمس هي التي تدور حولها. وقد أفرد علاّمة أرض الحجاز مؤلّفا بعينه للمسألة، وسمّاه: "الأدلّة النّقليّة والحسّيّة على جريان الشّمس وسكون الأرض"، وقد نُشر هذا الكتاب في العقود الأخيرة من القرن العشرين، وتحديدًا سنة 1982.
ومن جملة ما تضمّنه هذا الكتاب المرجع من درر نفيسة، قول العلاّمة: "ولكن الشّأن كلّ الشّأن فيما يذكر من أنّ الأرض تدور، وأنّ الشّمس ثابتة، وأنّ اختلاف اللّيل والنّهار يكون بسبب دوران الأرض حول الشّمس؛ فإنّ هذا القول باطل يبطله ظاهر القرآن، فإنّ ظاهر القرآن والسنّة يدلّ على أنّ الذي يدور حول الأرض هي الشّمس، فإنّ الله يقول في القرآن الكريم: ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ [سورة يس، الآية 38]، فقال: ﴿تجري﴾، فأضاف الجريان إليها وقال: ﴿۞ وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ﴾ [سورة الكهف، الآية 17]".
ولمّا كانت الأنثى بطبعها ناقصة عقلاً، فضلاً عن نقصانها دينًا، فلا يؤمن أن تصل بسيّارتها إلى أطراف الأرض، فتسقط في الأدراك، وبئس المصير.
وإنّما تعطّل إصدار هذا القرار إلى هذا التّاريخ بفضل هبّة إخواننا من القائمين على الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر في أرض الحجاز، وذلك بتصدّيهم لهذا قرار الذي لا يمكن أن يُتَّخذ إلاّ بإملاء من طواغيت الجهلة. بحيث أنّه في العمل على إبطاله نصرة للسّلف الصّالح وفي الجهاد لدحره إعلاء لكلمة الحقّ. وإنّما المثابة حاصلة بإذن واحد أحد بدرء تهمة الضّلالة عن المسلمات الصّالحات وحقن دمائهنّ الطّاهرة.
فالحمد لله الذي مَنّ على هذه الأمّة بعلماء نافذي البصيرة، يميّزون بعقولهم النيّرة الحقّ عن الباطل والمنفعة عن المَفْسدة، ويقون المسْلمات أرْجاس الشّياطين وشرور الإنس والجان.