طُرح شعبوية من الطراز الفاخر قام به كاتب عام نقابة الأئمة هذا الصباح في IFM، حيث دعا المفتي إلى إصدار فتوى تحث على إلغاء الحج هذا العام نظرا لارتفاع التكلفة.ولحاجة الدولة إلى ممارسة التقشف. يأتي ذلك في سياق (صحوة فايسبوكية) تقارن الأموال التي سيتم دفعها بالعملة الصعبة في موسم الحج بما يمكن انجازه من كليات ومخابر بحث ومستشفيات وطرقات سيارة وصواريخ نفاثة بما يوحي بأن العقبة الكأداء التي تقف أمام تقدمنا ونهضتنا هو الحج!
والشعبوية مثل داء الجرب (حاشاكم)، فهي مرض مُعدٍ، وارتفاع نسبة العدوى بها تجعلها في بلد صغير مثل تونس حالة وبائية محيّرة الله وحده يعلم كم سيكلفنا القضاء عليها من سنوات أعمارنا ومن حبر أعصابنا…
فهذه الصحوة المباركة التي لا نراها الا في (الشعائر الدينية) تتعارض مع مبدأ الحرية الفردية، لأن الأشخاص الذين سيتحملون كلفة الحج أحرار في صرف أموالهم، ولا سلطة لكاتب عام النقابة كي يرشدهم الى أن الصدقة افضل من الحج بدعوى الصعوبات الاقتصادية!!!! ثم إن أغلب هؤلاء كما نعرف جميعا من طبقة اجتماعية ضعيفة، وهي نفس الطبقة التي تتحمل كافة أعباء الأزمة الاقتصادية ومن الظلم تحميلها المزيد من الأعباء..
نقول من الظلم لأن سياسة التقشف (وهي كلمة حق أريد بها باطل) إذا اضطرت إليها الدولة أمام صعوبة الوضع الاقتصادي ينبغي أن تكون في إطار قانون شامل يغطي لفترة محدودة كافة مناحي الحياة العامة وأبواب الصرف.. فالعملة الصعبة مثلا التي تخرج يوميا وعلى مدار العام في اتجاه اسطنبول بالمنحة السياحية التي يتمتع بها كل فرد أضعاف أضعاف ما سيقع إخراجه في الحج..
دعك من هذا..وخذ مثلا آخر
هل تعلم عزيزي (كاتب عام نقابة الأئمة) ومن أين لك أن تعلم؟ أن 47% من رأس مال شركة الجعة، البيرة، المشروبات الروحية....الخ هي على ملك مستثمر فرنسي؟ بما يعني أن نصف مرابيحها السنوية تطير في شكل عملة صعبة إلى الخارج؟ هل تعلم؟؟؟
ثم وهذا الأهم، سأفترض معك أن الدولة سدّت كل الثقوب التي تتسرب منها العملة الصعبة، فلاحج، ولا عيد أضحى، ولا بيرة، ولا شيء لا شيء..
هل تعتقد أن الأموال ستصرف في التنمية أم في دعم الشركات المفلسة كي تواصل إفلاسها….؟ لقد تجاوزتم بأشواط شعبوية تعميم البؤس والفاقة إلى شعبوية تأبيد الفقر والميزيريا…