كثيرون لم يفهموا ملاحظة الرئيس حول عبارة (مهرجان المولد) التي عابها على مقدمي نشرة الأخبار في (تلفزته). ولا ما اعتبره (تصحيحا لها) بالدعوة إلى استعمال عبارة (مهرجان بمناسبة المولد)، لأن المولد (باستخدام القياس عنده) ليس الجم أو الحمامات أو قرطاج!!
والذين لم يفهموا لهم الحق، لأن ملاحظة السيد الرئيس اللغوية التي انبهر بها الوزراء المحيطون به في المجلس لن يفهمها حتى سيبويه...!
وإنصافا للزملاء في الوطنية، أقول: إن عبارة (مهرجان المولد) لا خطأ فيها ولا هم يحزنون. فالمضاف كما جاء في كتاب (النحو الواضح) لعلي الجارم: (اسم نسب إلى اسم بعده، فتعرّف بسبب هذه النسبة أو تخصّص). وكما تلاحظون لم يشترط النحاة (لا القدامى ولا المحدثون) معنى بعينه في النسبة و التخصيص. فالمركبات النحوية لا تفهم بذاتها بل بالسياق الذي تقع فيه من الجملة. وهكذا نفهم من عبارة (مهرجان المولد) أن المهرجان يقام بمناسبة المولد، أو يوم الاحتفال بالمولد، كما نفهم من عبارة (مهرجان الجم) أن المهرجان يقام في مدينة الجم.
ليس للملاحظة حينئذ خلفية نحوية متينة، وهذا طبيعي، لأن لغة الرئيس (وهذا قلناه سابقا مرارا) ليست فصيحة، بل تقوم على التفخيم وتعقّب الجناس والجرس الصوتي للألفاظ، (التوزيع/التجويع) وهذا تصنّع لا يخفى، ولا يؤثر إلا في من كانت لغتهم وقدرتهم على الفصاحة (في مستوى قدرة رئيس الحكومة وبلاغته)…
لكن يفهم من ملاحظة الرئيس أنه ينزه (المولد) عن أن يقترن بــــ(المهرجان). انطلاقا من خلفية دينية، وهذا تزمت غريب، لأن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ليس ركنا من أركان الإسلام، بل مناسبة دينية ذات طابع اجتماعي لا تعترف بها عديد الدول الإسلامية (الوهابية) وتعتبرها بدعة، ومن دواعي رفضها أنها تقترن لدى بعض الشعوب فعليا بالاحتفالات الشعبية في الساحات العامة، كما هو الشأن في مصر، إذ أصبحت عبارة (المولد) تطلق مجازيا على كل تجمع بشري وازدحام، ومن ثم جاء المثل الشعبي (طلع من المولد بلا حمص). وهذا التزمت الذي يتجلى في رفض عبارة (مهرجان المولد) قد يفضي لاحقا إلى تجريم عبارة (عصيدة المولد)! واشتراط القول (عصيدة نأكلها بمناسبة المولد) يعجبكشي؟