أخطر ما يعيشه المشهد البرلماني والحكومي في تونس هو فقدان الثقة المطلقة بين الأطراف السياسيّة بطريقة غير مسبوقة منذ سنة 2011، حتّى اننا كنا نميز بين أحزاب الحكم واحزاب المعارضة بوضوح من خلال مواقفها المعلنة وفعلها السياسي داخل البرلمان وخارجه أما اليوم فلا.
البرلمان اليوم بات يفتقد إلى الحد الأدنى من الالتزام الأخلاقي والمبدئي المهيئ للتعاقد الفعلي بين الأحزاب على أسس ورؤى وبرامج كله راجع إلى فقدان الثقة والتخوف من الخيانة.
وجود طرف سياسي يلعب على التناقضات داخل الكتل النيابيّة مع تكريسه لثقافة الغدر في العمل السياسي منذ نشأته أضرّ كثيرا بالمشهد اليوم وأفقد الفاعلين السياسيين الثقة في بعضهم البعض.. وأفقدنا نحن المواطنين الثقة في طبقتنا السياسية.
الغدر السياسي هو أن تصلي وراء علي وتنظر إلى موائد معاوية، الغدر السياسي هو البحث عن امتيازات في السلطة وشرف ان تكون في المعارضة.. الابتذال هو أن يكون كل مسارك السياسي قائم على الغدر والتنكر لعائلتك ثم لحلفائك ثم لخصومك ثم لشركائك..
إن القدرة على تلويث المشهد السياسي بهذه القدرة الرهيبة من التلون والاستعداد الفطري للغدر هو علّة العمل السياسي في البلاد منذ مدّة ومع ذلك فحبل الغدر قصير وشرّه وخيم ونهايته الخيبة.