بما أنّنا نؤمن بالثّورة ثقافة، وروحا، وفكرا، ومنهجا في التغيير وفي الحكم يرتكز على ثنائيّة القطيعة والتأسيس... لذلك نرى أنّ الاكتفاء بالدعوة إلى اسقاط حكومة المشيشي وطرد حركة النهضة من الحكم... إنّما هو مناورة جديدة من مناورات الثورة المضادة وأياديها الخفيّة الدّاخليّة والخارجيّة... مناورات متلاحقة ومتداخلة تمتدّ من قُبيل 14 جانفي 2011 إلى اليوم، مرورا باغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي وكلّ العمليات الارهابية التي طالت جنود الوطن وأبنائه رحمهم الله جميعا... وكانت تلك ذروة المناورات التي أدّت بعودة المنظومة إلى السطح (وهي لم تغب يوما واحدا عن مفاصل القرار في البلاد)…
نعم... نحن مع اسقاط المنظومة الحاكمة اليوم بما فيها حركة النهضة، التي قبلت بدور الشجرة التي تخفي الغابة... ولكن مشكلتنا ومشاكل البلاد عموما مع الغابة برمّتها، لما تحتوي عليه من ضباع وذئاب وبني آوى وديناصورات قضت على أخضر البلاد ويابسها…
نعم... نحن مع حلّ البرلمان الرديء على شرط أن يتبع ذلك انتخابات عامّة: تشريعيّة ورئاسيّة وحتّى بلديّة ان لزم الأمر... على أساس قانون انتخابي جديد، غير هذا الذي صاغته الثورة المضادّة على مقاسها، والذي وُضع لكي يرذّل الثورة ولكي يمنعها من اكتساب مصادر قوّتها من شعب سيّد نفسه... فكانت النتيجة مَجْمع أحزاب تعمل بالمناولة عند أصحاب المال الفاسد ولصالح دول الهيمنة الدائمة…
ثورة 2011 وُئدت في المهد ولم تحكم قطّ... ولن تُسْقِطَ المنظومة الحالية إلاّ ثورة حقيقيّة... ثورة آتية لا ريب... ثورة ذات مخالب وأنياب... تسعى إلى تحقيق طموحات هذا الشعب وتعمل على تنفيذ سياساتها، وفرض شروطها على الطرف المغلوب... والثورة هي حتما غالب ومغلوب... وأوّل السياسات هي الضّرب بيد من حديد لبؤر الفساد... هذا الفساد النّاخر لجسم البلاد والمتصدّي لأيّ انجاز حقيقي سواء في المجال الاقتصادي أو مجال التعليم والصحة والفلاحة والسكن والثقافة... الحرب على الفساد بكلّ ما تحمله كلمة حرب من معاني... الحرب على الفساد هي حرب من أجل الاستقلال والسيادة الوطنية الحقيقيّة، لما هذا الفساد من وشائج تربطه بدول تسعى إلى تأبيد التوازنات الاقليمية والعالمية المجحفة في حقّ بلادنا…
25 جويلية 2021
سويعات قبيل الانقلاب